انحرافات عاد قوم هود (ع) -3

ثالثا: استعجال العذاب:

ظل هود (عليه السلام) يدعو قومه، لكن الاستكبار كان يجري في دمائهم.

 

رغم ما يعانون من ذل نتيجة لعدم مقدرتهم على الكيد لهود. ولما يعانونه من القحط لإمساك المطر عنهم. والمستكبر المحتاج أكثر خطرا من غيره، لأنه يستعمل جميع أدوات البطش التي لا يستعملها غيره. وإن كان غيره يمكن أن يدمر من حوله من أجل نفسه فإن المستكبر المحتاج يمكن أن يدمر كل من حوله حتى نفسه ولا يتنازل عن هواه وجميع الذين استكبروا قبل أن يضربهم عذاب الاستئصال أوقفهم الله في دائرة الحاجة كي يستغفروا. لكنهم خرجوا من الدائرة وهم يشهرون مخالبهم في وجه كل طاهر، ويغرسون أنيابهم في جسم كل عفيف، طمعا في أن يخنقوا الأرض أو يصيبوها بالوباء. إن الاستكبار بجميع فصائله ينطلق من مملكة الظلم، التي يديرها أصحاب الرؤوس الفارغة والقلوب القاسية، وهؤلاء لا يتنازلون عن هوى من أهوائهم فيه حاجة لهم. وإن ترتب على ذلك الهلاك للجميع. لأنهم ببساطة ألد أعداء الجنس البشري وإن كانوا ينتمون إليه. هم ألد أعداء الإنسانية لأنهم يتصورون أن في عروقهم تجري الدماء النقية، ووفقا لهذا التصور أو الاعتقاد رفضوا قديما النبي البشر، وتطور الرفض فيما بعد إلى كل حامل علم لا يستقيم مع أهوائهم وإن كان حامل العلم معه سلطان وبرهان.

 

لقد خرجت عاد من دائرة الاحتياج رافضة للتوبة والاستغفار، وأمام العناد كان هود (عليه السلام) يبلغ رسالات ربه إليهم ﴿يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾(1) لم يحدثهم عن قلاعهم وحصونهم. إنما دعاهم فقط إلى عبادة الله. ولم يضف على ذلك شيئا. فماذا كان ردهم؟ ﴿قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾(2) لقد كان جوابهم له فيه احتقار ومهانة. واجهوه أولا بأن فيه سفاهة. وواجهوه ثانيا بأنهم يظنون أنه من الكاذبين .. لتد واجهوه بهذه التهم لأنهم سمعوا منه دعوته أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يعترض على آلهتهم. فأخرجوا من جعبتهم تهمة السفاهة ورموه بها، والسفاهة: خفة العقل التي تؤدي إلى الخطأ في الآراء. ولقد زادت عاد وقاحة على قوم نوح، فقوم نوح رموا نوحا بالضلال في الرأي، أما عاد فقد رموا هودا بالسفاهة. إنها الغطرسة التي تلقي بالتهم هكذا جزافا بلا تدبر ولا دليل، ثم اتهموه بالكذب في غير تحرج ولا حياء، أنظر إلى قولهم له: ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ ثم انظر إلى جوابه (عليه السلام): ﴿يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ / أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ﴾(3) لقد رد عليهم ردود الأنبياء. رموه بالسفاهة، فلم يخرجه ذلك عن وقار النبوة، ولم ينس ما هو الواجب من أدب الدعوة الإلهية، وأخبرهم أنه ليس به سفاهة، ولكنه رسول من رب العالمين، لا شأن له بما أنه رسول من الله، إلا تبليغ رسالات الله، وإن كانوا يظنون أنه كاذبا.

 

فهو ليس بغاش لهم فيما يريد أن يحملهم عليه، ولا خائن لما عنده من الحق، وكل ما يريده منهم هو التدين بدين التوحيد الذي يراه حقا، لأن هذا الدين هو الذي فيه نفعهم وخيرهم، وقد وصف عليه السلام نفسه بالأمين محاذاة لقولهم ﴿وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾(4).

 

لم يقابل هود (عليه السلام) الشر بمثله. ولم يفارقه العطف واللطف والحنان واستعمال اللين والإخلاص في أقواله مع قومه. لقد رموه بالسفاهة، فقال: ليس بي سفاهة، ورموه بالكذب فقال: أنا لكم ناصح أمين، إنه منطق النبوة في الوعظ والإرشاد وهود (عليه السلام) كان واسع الصدر في دولة ترفع شعار ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ وكان ذا شعور قوي وزاهدا عابدا عفيفا أبيا غيورا صلب الإيمان في دولة إذا بطشت بطشت بطش الجبارين، وبعد أن نفى عن نفسه ما ألقوه عليه من تهم قال لهم: ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾(5). لقد أراد أن يجذبهم من خيمة الأهواء والغطرسة إلى رحاب الشكر والحمد. فقال لهم: لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولا من أنفسكم لينذركم أيام الله ولقاءه، بل احمدوا الله على ذلك، واذكروا نعمة الله عليكم في جعلكم من ذرية نوح الذي أهلك الله أهل الأرض بدعوته لما خالفوه وكذبوه، واشكروا الله الذي جعلكم أطول من أبناء جنسكم. واذكروا نعم الله ومنته عليكم لعلكم تفلحون(6).

 

لقد طالبهم بالشكر في أربعة مواضع:

أولا: أنه سبحانه بعث فيهم رسولا منهم وهذه نعمة تستحق الشكر.

ثانيا: أنه سبحانه جعلهم خلفاء من بعد قوم نوح دون غيرهم من الأمم.

 

ثالثا: أنه سبحانه زادهم في الخلق بصطة. وزيادة الخلق تزيد القوة ويترتب على ذلك إقامة المدينة والحضارة.

 

رابعا: أنه سبحانه أعطاهم من النعم ما لا تحصى ولا تعد وكل نعمة من نعم الله يجب شكرها، وشكرها أن توضع في موضعها، فماذا كان رد الجبابرة عندما طالبهم هود (عليه السلام) بأن يذكروا الله ويشكروه؟ ﴿قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾(7) لقد رفضوا الذكر والشكر. وذلك لرفضهم عبادة الله وحده. كما حافظوا في ردهم على عبادة ما وجدوا عليه آباءهم. وفي خاتمة ردهم طالبوا بالعذاب.

 

وهكذا طالب هود بمطالب تنسجم مع الفطرة، فردوا بردود تنسجم مع العذاب العظيم لقد استكبرت عاد! قالوا لهود (عليه السلام): ﴿أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ﴾ لقد وجدوا في التوحيد قيد، وجدوا فيه افعل ولا تفعل. أما ما كان يعبد الآباء فلا قيد فيه. لأن الأصنام لا تأمر ولا تنهى. وعلى هذا تكون أهواء الجبابرة طليقة في عالم الاغواء والتزيين. والقوي فيهم يكون سيدا للغابة، ولا قانون إلا قانونه، وفي عالم الغابة هذا، إذا قدمت ماءا صافيا لإنسان، برزت أنيابه كذئب يعوي!

 

وإذا حملت طعاما نقيا للجائعين، لا ينظرون إليه .. بل إليك! ويقتفون أثرك كاللصوص ليسرقوك. أو كقطاع طرق ليقتلوك وفي عالم الغابة إذا قدمت فكرة!

 

كلمة! ليتأملها عقل، فستدفع ثمن إنسانيتك غاليا، لأن الفكرة رحمة، والذئاب تعتبر الرحمة شذوذا. لقد رفض الجبابرة أن يعبدوا الله وحده، وأرادوا أصنام الآباء وما كان يراه الآباء. فالجماجم تحت التراب تراث. ورفض التراث في قانونهم جريمة. والجماجم تحت التراب على هداها يسير الأحياء والشيطان لهم دليل. إنه عالم الصم البكم العمي، رفضوا الشكر في المقدمة ورفعوا ما كان يعبد آباؤهم في الخاتمة ثم قالوا لهود (عليه السلام): ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وعندما قالوا ذلك سمعوا الرد الأخير على أقوالهم. الرد الذي ستأتيهم من بعده الخاتمة ليكونوا بعد ذلك أحاديث وعبرة لمن أراد الاعتبار.

 

فعندما سألوا هودا (عليه السلام) أن يأتيهم بالعذاب: ﴿قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾(8).

 

أجابهم (عليه السلام): بأنه قد وقع عليهم من ربهم رجس وغضب. لأنهم يحاجونه في هذه الأصنام التي سموها هم وآباؤهم آلهة، وهي لا تضر ولا تنفع، ولا جعل الله لهم على عبادتها حجة ولا دليل(9) وبأن إصرارهم على عبادة الأوثان بتقليد آبائهم. أوجب أن يحق عليهم البعد عن الله بالرجس والغضب. ثم هددهم بما يستعجلون من العذاب. وأخبرهم بنزوله عليهم لا محالة، وأمرهم بالإنتظار. وأخبرهم بأنه مثلهم في انتظار العذاب(10).

 

وعلى هذا انتهى الجدل، وانتظر الجميع القول الفصل الذي يحمل العذاب الشامل على فريق الجبابرة وأتباعهم. ويكون رحمة شاملة على طائفة المؤمنين مع هود (عليه السلام)، وجبابرة عاد عندما طلبوا العذاب، ظنوا أن في هذا الطلب تعجيز لهود (عليه السلام) مقابل تعجيزه لهم في الكيد له. فأمام معجزته التي طرحها عليهم ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعًا﴾ قالوا له: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ فقولهم: ﴿إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ يحمل ظنهم في عدم مقدرته الإتيان بالعذاب، لأنهم ابتداء يكذبونه في رسالته. وهود (عليه السلام) عندما حذرهم من عذاب اليوم العظيم. كان في الحقيقة يحذرهم من عذاب الاستئصال، لأن سنة الاستئصال كانت هي الجارية في صدر البشرية. وذلك لأن ظهور المجتمع الشاذ عن سبيل الفطرة في مرحلة تكوين المجتمعات الإنسانية.

 

قد يؤدي إلى انتشار الشذوذ والانحراف في المجتمعات الأخرى. لهذا كان بتر العضو المريض الذي لم يتقبل الدواء. رحمة وعبرة وشفاء للإنسانية في كل مكان. رحمة لأن الداء قد بتر ودفن في مكانه ولم يجتحهم، وعبرة كي يعيد المنحرف ترتيب أوراقه على أساس صحيح، وشفاء لقوم مؤمنين وتثبيت وإبلاغ لهم بأن السماء لا يفر من تحتها الظالمون.

 

لقد دخلت عاد بأقدامها إلى دائرة الاستئصال، وعندما قالوا لهود (عليه السلام): ﴿فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾(11) لم يزد (عليه السلام) في رده عن قوله: ﴿إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ﴾(12) لقد قصر (عليه السلام) العلم بنزول العذاب في الله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ﴾ لأن العذاب من الغيب الذي لا يعلم حقيقته إلا الله عز وجل. أما هود فلا علم له ما هو العذاب؟ ولا كيف هو؟ ولا متى هو؟ ولذلك عقب (عليه السلام) بقوله: ﴿وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ أي أن الذي حملته وأرسلت به إليكم هو الذي أبلغته إليكم، ولا علم لي بالعذاب الذي أمرت بإنذاركم به ما هو؟

 

وكيف هو؟ ومتى هو؟ ولا قدرة لي عليه، وإني أراكم قوما تجهلون، فلا تميزون ما ينفعكم مما يضركم وخيركم من شركم. حين تردون دعوة الله وتكذبون بآياته وتستهزؤون بما يوعدكم به من العذاب (13). لقد ظنت عاد أن طلبها للعذاب تعجيز لهود (عليه السلام)، في الوقت الذي كانوا فيه يسيرون بأقدامهم على طريق العذاب الذي يصل بهم إلى اليوم العظيم. لقد كانت أقدامهم تدب على أرض جدباء أخذ أهلها حذرهم من الطوفان فأذلهم العطش.

 

وجاءت الرياح:

جلس قضاة الطاغوت في ديار الجبابرة ومن حولهم جنود عاد الذين شربوا من إناء الأخلاق الحديدية في ثقافة ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ جلسوا تحت السماء التي تمسك عنهم المطر، ومن حولهم نخالة الحبوب الناشفة. وأوراق الأشجار الميتة، لم يرفعوا أكفهم إلى السماء حتى يرفع الله عنهم العقاب، وإنما انطلقوا في يوم عيدهم إلى أكبر أصنامهم وتجمعوا حوله يسألونه الماء أساس حضارة عاد، ففي هذا العيد وكان يوافق دائما يوم الأربعاء. خرج الجبابرة وخدامهم من الفقهاء والجنود ومن حولهم الغوغاء والرعاع أصحاب العيون التي انطفأ منها كل بريق يحمل معنى من معاني الرحمة، وأمام الصنم الأكبر وقفوا يبتهلون ويتضرعون بالآباء تحت لهيب الشمس المحرقة، ولم تكن هناك رياح تسري في الحدائق سريانها البديع. ولم يكن للنسيم الرقيق وجود بينهم يوم زحامهم على أصنامهم. كان الحر شديدا وقطرة الماء أمل للإنسان وللحضارة العريضة التي تتربع عليها عاد، وبينما هم ينظرون في الأفق شاهدوا سحابا ثقيلا يستقبل أوديتهم. يقول تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾(14) لقد حكموا على العارض بما يعلمون، ولكن الحقيقة لا يعلمها إلا الله فما كل سحاب يأتي بالماء، وما كل رياح تحمل الخير، فعاد وفقا لحضارتها وعقيدتها وثقافتها تحكم على الأشياء بما جرت به العادة، فالأب الأول في قافلة الانحراف ترك صنما، وهذا الصنم عبدته القافلة كلها، فإذا جاءت عاد ووجدته يكون الخروج عن العادة والتقاليد شذوذا.

 

وأمام العادة والتقاليد فليسقط السمع والبصر والفؤاد. ووفقا لهذا المقياس شاهدوا العارض فقالوا بأنه ممطر، لأن علمهم وقف عند الحد الذي يقول بأن السحاب لا يحمل إلا الماء. أما الذين يؤمنون بالله فيعلمون أن العناصر كلها خاضعة لخالقها، وقد تحمل هذه العناصر النعم لقوم بينما تحمل النقم لقوم آخرين، وقد تمطر السماء هنا ماء بينما تمطر في مكان آخر حجارة من سجيل منضود. لهذا كان الإيمان بالله هو روح النظر إلى الأشياء عند الذين آمنوا. وكانت تقوى الله هي المقياس الذي تتحطم عليه العادات والتقاليد، وكان الخوف من مكر الله يجعلهم في ارتعاد دائم، لأنهم بشر يعيشون على الأرض. والأرض يجري عليها الاختبار ويجري عليها الاستدراج والاستئصال. ويأتي العذاب للظالمين من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.

 

وعندما شاهدت عاد العارض وهي تحت مظلة عقيدة الأصنام وثقافة الاستكبار ﴿قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾ لكن الحقيقة كانت على خلاف ذلك يقول تعالى: ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ / تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾(15) فبين سبحانه أولا أنه العذاب الذي استعجلوه حين قالوا لهود: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ وزاد سبحانه في البيان ثانيا بقوله: ﴿رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ تهلك كل ما مرت عليه من إنسان ودواب وأموال، وفي موضع آخر يقول سبحانه: ﴿أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ / مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾(16) والريح العقيم هي المفسدة التي لا تنتج شيئا(17) والتي عقمت أن تأتي بفائدة مطلوبة من فوائد الرياح. كتنشئة سحاب أو تلقيح أشجار أو نفع حيوان أو تطيب هواء(18) وفي موضع آخر يقول تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ / تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾(19) وفسر الصرصر بالريح الشديدة السموم، والشديدة البرودة، والشديدة الصوت، والشديدة الهبوب(20). وقوله تعالى: ﴿في يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ﴾ المراد باليوم هنا قطعة من الزمن، لا اليوم الذي يساوي سبع الأسبوع. لقوله تعالى في موضع آخر: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ﴾(21) وقوله تعالى: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾(22). فتبارك الذي يضرب في كل زمان وكل مكان ويرحم في كل زمان. وكل مكان.

 

لقد جاءت الريح لتضرب المرتفعات والأعمدة وتضرب المنخفضات والحصون، جاءت الريح العقيم التي عقمت أن تأتي بفائدة مطلوبة في عالم حضارة عاد، جاءت لتدمر كل شئ ﴿بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ فضاع الجبابرة وخدام الجبابرة أصحاب البطش والأخلاق الحديدية. روي أن الريح كانت تأتي أحدهم فترفعه حتى تغيبه عن الأبصار. ثم تنكسه على أم رأسه. فيسقط على الأرض فتثلغ رأسه. فيبقى جثة بلا رأس(23) ولهذا قال تعالى: ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ / فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ / وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾(24) وعلى امتداد أيام العذاب كان الجبابرة والمستكبرين يهرولون في كل مكان هربا من قسوة الرياح حتى إنهم كانوا يتحصنون الجبال والكهوف والمغارات، وحفروا لهم في الأرض إلى أنصافهم فلم يغن عنهم ذلك من الله شيئا(25) لقد أقاموا الأعمدة إلى أعلى وفقا لحسابات الطوفان، وأسرفوا في هذا العبث إسرافا كبيرا، وعندما جاءتهم الريح جعلوا من أنفسهم أعمدة في بطن الأرض، ولكن هيهات هيهات!

 

لقد طحنت الريح قصورهم وحصونهم ومدائنهم. عصفت عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما ﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ وكانت ترفع الرجال والنساء إلى الجو ثم ترمي بهم فيقعون على رؤوسهم منكسين.

 

وكانت الريح تقلع الرجال والنساء من تحت أرجلهم ثم ترفعهم إلى السماء ثم تحطمهم حطما، كانت الريح تمر بأهل البادية فحملهم هم ومواشيهم وأموالهم حتى يكونوا بين السماء والأرض وتلقى بأهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة(26) لقد قهرت الريح الذين فشوا في الأرض وقهروا أهلها تحت شعار ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ أما هود (عليه السلام) وأتباعه فروي أنه (عليه السلام) اعتزل ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه ومن معه إلا ما تلين عليه الجلود وتلذ الأنفس(27) ﴿وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾(28) ﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ﴾(29).

 

لقد جاءتهم الريح في يوم نحس كانوا يحتفلون فيه بمجد آبائهم الأوائل.

 

ففي اليوم النحس جاءتهم الريح لتكون عليهم في أيام نحسات ذات غبار وتراب لا يرى فيها أحد أحدا. جاءتهم مسخرة من الله عليهم، تضربهم مرة بعد مرة كي يستوعب الجميع الهلاك وذكر المسعودي: أن الريح أتتهم يوم الأربعاء. فما جاءت الأربعاء الثانية وفيهم أحد حي(30). وذهبت عاد وأصبحوا عبرة لمن أراد الاعتبار. وبقيت الريح .. نعم بقيت، فهي على كل مكان من الأرض. وهي في جوف كل إنسان وهي في مخازن الله. وكما ذكرنا أن للمؤمن مقاييس ينظر بها إلى الأحداث من حوله وما يمكن أن يترتب عليها، فليس كل ريح تأتي بخير وليس كل سحاب يأتي بماء. ولقد روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه. فلما سئل: يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر. وإذا رأيته أنت عرفنا في وجهك الكراهية. قال (عليه وآله الصلاة والسلام): "ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب".

 

قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب وقالوا هذا عارض ممطرنا"(31) وذهبت عاد. وقطع دابر الذين كفروا. فلا ترى لهم باقية. ليسر في عصرنا أحد ينتسب إلى عاد بدمائه لأن دابرهم قد قطع. ولكن في عصرنا من هواه على هوى عاد، في عصرنا يوجد من يقول: ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ وفي عصرنا أعلام ورايات تمارس سياسات التجويع والتخويف، وفي عصرنا فتحت للغطرسة معاهد، وراجت الأخلاق الحديدية التي لا تقيم للفضيلة وزنا. بل ذبحتها تحت المقاصل تحت شعار روح العصر الحديث. وفي عالم الأخلاق الحديدية. زخرف الشيطان كل شئ بما يستقيم مع روح العصر. وفي عالم الزخرف اعتنق الناس فضائل الأهواء وكل فضيلة من حديد. كل فضيلة ظاهرها الرحمة وباطنها يقبع فيه عمود من أعمدة عاد ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾(32).

 

وذهبت عاد. ولما كانت عاد في صدر القافلة البشرية من بعد قوم نوح.

 

وأمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في خاتمة القافلة الإنسانية فإن الله تعالى ربط بين البلاء والختام في مواضع من القرآن الكريم. وبين سبحانه أن عادا كانوا من التمكن على درجة عالية لم تكن لكفار مكة. وكان لهم من أدوات الادراك والتمييز ما يستطيع به الإنسان الاحتيال لدفع المكاره والاتقاء من الحوادث المهلكة المبيدة. لكن كل هذا لم يغن عنهم. ولم تنفعهم هذه المشاعر والأفئدة شيئا عندما جحدوا آيات الله. فما الذي يؤمن كفار خاتمة القافلة من عذاب الله وهم جاحدون لآيات الله يقول تعالى بعد أن أخبر عن هلاك عاد ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون / وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾(33) وفي الربط بين البدء والختام أيضا يقول تعالى لرسوله الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم): ﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ(34) إنها تذكرة إنذارية، ليكون البدء هناك عبرة للخاتمة هنا ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ / وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾(35).

 

مشهد وحركة:

لقد جحدت عاد بآيات الله من الحكمة والموعظة والمعجزة التي أظهرت لهم طريق الرشد وميزت لهم الحق من الباطل، جحدوا بها بعد ما جاءهم من العلم، وعصوا رسول ربهم هودا (عليه السلام)، ومن قبله من الرسل، لأن عصيان الواحد منهم هو عصيان للجميع. فكلهم يدعون إلى دين واحد، وعلى ذلك فهم عندما يعصون هودا يكونون قد عصوا بعصيانه سائر رسل الله، وسلسلة الأنبياء تنتهي بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمن سمع به ولم يؤمن بما أنزل معه يكون بعصيانه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عصى سائر رسل الله، والذين عصوا هودا (عليه السلام) إلى أين ذهبوا؟ لقد ذهبوا إلى كل جبار يقهر الناس بإرادته ويكرههم على ما أراد واتبعوه. ولم يتبعوا كل جبار فقط ولكنهم اختاروا من بين الجبابرة كل جبار عنيد، والجبار العنيد علاوة على أنه يقهر الناس إلا أنه فوق هذا كثير العناد فلا يقبل الحق. ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ وهذا الاختيار الذي رفضوا فيه هودا (عليه السلام) واتبعوا فيه كل جبار عنيد ألقى بهم في دائرة اللعن في الدنيا ويوم القيامة حيث العذاب الخالد، يوم يقف التابع والمتبوع من الذين استكبروا وهم ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ / قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ﴾(36) في الدنيا كان الجبابرة وخدامهم يضعون الذين آمنوا في مربع المجرمين. أما في الآخرة فسيقولها الجبابرة لحملة أقلامهم وسياطهم وغوغائهم. يا لعدل الله .. تأمل قول الخدام لأئمة الكفر: ﴿لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ يتهمونهم بإجبارهم على الكفر. وأنهم حالوا بينهم وبين الإيمان.

 

بالرغيف والشهوة والجاه والمال، بالتخويف والتجويع والترغيب والترهيب. ثم تأمل رد أئمة الكفر في عاد وكل عاد مهما اختلفت الأسماء والأعلام. تأمل ردهم على الخدام الخلان ﴿أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ﴾ أنحن صرفناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم؟! إن بلوغه إليكم بواسطة الرسول أقوى دليل على أننا لم نحل بينه وبينكم لقد سمعتم الدعوة. وكنتم مختارين بين الإيمان وبين الكفر. لكنكم كنتم متلبسين بالإجرام مستمرين عليه، فأجرمتم بالكفر بالإيمان لما جاءكم من غير أن يخبركم عليه، فكفركم منكم ونحن برءاء منه(37) إنه العتاب الذي لا يجدي.

 

ويؤدي في النهاية إلى ضعف من العذاب لكل من الأئمة والخدام، إن عادا بداية وعبرة للمجرمين ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ﴾(38) أنظر إلى المشهد والحركة في النص القرآني ﴿نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ لقط أحاط بهم الخزي والذل فنكسوا رؤوسهم واعترفوا بما كانوا ينكرونه في الدنيا. وسألوا ربهم العودة إلى الدنيا عندما تبين لهم أن النجاة في الإيمان والعمل الصالح. لقد سألوا العودة.

 

ولن يعودوا.

 

لقد اتبع الجبابرة الصغار الجبابرة الكبار في الحياة الدنيا. التف الصغار حول كل جبار عنيد واتخذوه قدوة من يوم نوح (عليه السلام) وحتى يوم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحتى يرث الله الأرض ومن عليها. ليصدوا عن سبيل الله. ولكن مدارس الصد على امتداد الزمان هي التي تسقط وهي التي تحترق. إن سقوط الباطل في كل زمان يعني انتصار الحق في كل زمان والباطل باطل وإن رفع شعار ﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾ وكان معه أكثر الناس، والحق حق وإن قل أتباعه والحق حق وإن وقف في حظيرة على الأرض. والباطل باطل وإن رفع أبنيته على الأعمدة ألم تر أن عادا استأصلهم الله وأن هود أنجاه الله برحمة منه. ألم تر أننا نقص هنا أخبار المجرمين ليرى الحاضر سقوط الباطل المهين في الدنيا والآخرة.

 

المصدر:

الانحرافات الكبرى: القرى الظالمة في القرآن الكريم.

 


1- سورة الأعراف / 65

2- سورة الأعراف / 66.

3- سورة الأعراف / 67-68.

4- الميزان ج10 / ص178.

5- سورة الأعراف / 69.

6- ابن كثير ج2 / ص224.

7- سورة الأعراف / 70.

8- سورة الأعراف / 71.

9- ابن كثير ج2 / ص225.

10- الميزان.

11- سورة الأحقاف / 22.

12- سورة الأحقاف / 23.

13- الميزان ج18 / ص211.

14- سورة الأحقاف / 24.

15- سورة الأحقاف / 24-25.

16- سورة الذاريات / 41-42.

17- ابن كثير ج4 / ص236، البغوي ج8 / ص71.

18- الميزان.

19- سورة القمر / 19-20.

20- ابن كثير ج4 / ص364، الميزان، البغوي ج8 / ص134.

21- سورة فصلت / 16.

22- سورة الحاقة / 7.

23- البغوي ج8 / ص135، ابن كثير ج4 / ص265.

24- سورة القمر / 20-22.

25- ابن كثير ج3 / ص342، البغوي ج6 / ص231.

26- ابن كثير ج4 / ص412.

27- ابن كثير ج2 / ص226.

28- سورة هود / 58.

29- سورة الأعراف / 72.

30- مروج الذهب ج2 / ص159.

31- ابن كثير ج4 / ص161.

32- سورة إبراهيم / 42.

33- سورة الأحقاف / 26-27.

34- سورة فصلت / 13.

35- سورة هود / 59-60.

36- سورة سبأ / 31-32.

37- الميزان.

38- سورة السجدة / 12.