سبب نزول الآيات رقم (55 - 56) من سورة المائدة

 

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾

 

النزول:

حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني القائني قال حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني (ره) قال حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الفقيه الصيدلاني قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الشعراني قال حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن رزين البياشاني قال حدثني المظفر بن الحسين الأنصاري قال حدثنا السدي بن علي الوراق قال حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربعي قال بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذ أقبل رجل متعمم بعمامة فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله أ لا قال الرجل قال رسول الله فقال ابن عباس سألتك بالله من أنت فكشف العمامة عن وجهه وقال يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بهاتين وإلا فصمتا ورأيته بهاتين وإلا فعميتا يقول علي قائد البررة وقاتل الكفرة منصور من نصره مخذول من خذله أما إني صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا فرفع السائل يده إلى السماء وقال اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئا وكان علي راكعا فأومأ بخنصره اليمني إليه وكان يتختم فيها فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فلما فرغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم إن أخي موسى سألك فقال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري فأنزلت عليه قرآنا ناطقا ﴿سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما﴾ اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري قال أبو ذر فو الله ما استتم رسول الله الكلمة حتى نزل عليه جبرائيل من عند الله فقال يا محمد اقرأ قال وما أقرأ قال اقرأ ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾ الآية وروى هذا الخبر أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره بهذا الإسناد بعينه وروى أبو بكر الرازي في كتاب أحكام القرآن على ما حكاه المغربي عنه والرماني والطبري أنها نزلت في علي حين تصدق بخاتمه وهو راكع وهو قول مجاهد والسدي والمروي عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام) وجميع علماء أهل البيت وقال الكلبي نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه لما أسلموا فقطعت اليهود موالاتهم فنزلت الآية وفي رواية عطا قال عبد الله بن سلام يا رسول الله أنا رأيت عليا تصدق بخاتمه وهو راكع فنحن نتولاه وقد رواه لنا السيد أبو الحمد عن أبي القاسم الحسكاني بالإسناد المتصل المرفوع إلى أبي صالح عن ابن عباس قال أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفر من قومه ممن قد آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقالوا يا رسول الله إن منازلنا بعيدة وليس لنا مجلس ولا متحدث دون هذا المجلس وإن قومنا لما رأونا آمنا بالله ورسوله وصدقناه رفضونا وآلوا على نفوسهم أن لا يجالسونا ولا يناكحونا ولا يكلمونا فشق ذلك علينا فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿إنما وليكم الله ورسوله﴾ الآية ثم أن النبي خرج إلى المسجد والناس بين قائم وراكع فبصر بسائل فقال النبي هل أعطاك أحد شيئا فقال نعم خاتم من فضة فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أعطاكه قال ذلك القائم وأومأ بيده إلى علي فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) على أي حال أعطاك قال أعطاني وهو راكع فكبر النبي ثم قرأ ﴿ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون﴾ فأنشأ حسان بن ثابت يقول في ذلك:

 

أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي

وكل بطيء في الهدى ومسارع

أيذهب مدحيك المحبر ضائعا

وما المدح في جنب الإله بضائع

فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعا

زكاة فدتك النفس يا خير راكع

فأنزل فيك الله خير ولاية

وثبتها مثنى كتاب الشرائع

 

وفي حديث إبراهيم بن الحكم بن ظهير أن عبد الله بن سلام أتى رسول الله مع رهط من قومه يشكون إلى رسول الله ما لقوا من قومهم فبينا هم يشكون إذ نزلت هذه الآية وأذن بلال فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى المسجد وإذا مسكين يسأل فقال (عليه السلام) ما ذا أعطيت قال خاتم من فضة قال من أعطاكه قال ذلك القائم فإذا هو علي قال على أي حال أعطاكه قال أعطاني وهو راكع فكبر رسول الله وقال ﴿ومن يتول الله ورسوله﴾ الآية.