نبي الله إبراهيم وسقمه مما يعبُد قومه

﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ / فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ﴾(1).

 

تتحدث الآيات الكريمة عن موقف نبي الله خليل الرحمن إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام، حيث يصل به المقام بعد رحلة محاورات ومناقشات عديدة مع قومه بغية هدايتهم إلى عبادة الله الواحد القهار وترك ما يعبدون من أصنام يصنعونها بأيديهم ويخرون لها ساجدين، فانطلق سلام الله عليه من منطلق الحرص الرسالي وبدأ يحاورهم ويشككهم في جوهر عقيدتهم ويهدم مباني الفكر الباطل والضال، فَسَألهم ماذا تعبدون؟ أتكذبون على أنفسكم بأن هذه الأحجار آلهة؟ أنتم الذين تصنعونها وتهبونها هذه الصور والأشكال بعدما كانت حجارة صماء، وتتركون عبادة الله الخالق الذي يرزقكم ويعطيكم .. ولكن العناد المتوارث والفكر الجامد أبى الاستجابة لنداء الحرية وواجه دعوته (ع) بعنف وغباء مستحكم، هنا اتجه النبي (ص) على ضرورة إحداث صدمة وهزة حسية تنبه فكرهم وتساهم في إيقاظ العقول النائمة أو المخدرة بتأثير الفكر الجمعي والعادات السيئة المتوارثة.

 

ولكن كيف يتصرف خليل الرحمن، لقد اضطر للانسحاب من مجلسهم، لقد نظر إلى السماء نظرة تأملية و غادرهم وهو يقول ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾.

 

والسؤال الذي يظهر هنا: هل كان إبراهيم مريضًا أو سقيمًا، وإذا لم يكن كذلك فما معنى سقيم هنا؟ إنّ إبراهيم (ع) لم يكن سقيمًا بالمعنى الذي يشير إلى المرض الجسدي فقد كان في وسط القوم يحاورهم ويحادثهم .. ولكنه قال بأني سقيم في إشارة إلى السقم المعنوي والبراءة مما يعبدون.

 

 فالسقم الوارد في التعبير هو إشارة لحالة السأم والضجر من وجود الأصنام منصوبة وتعبد في أرض الله من دونه، وكيف لا يكون إبراهيم (ع) سقيمًا وهو بطل التوحيد وهو صاحب القلب السليم ويعيش في وسط مجتمع وثني.

 

1- سورة الصافات / 88-89.