قل:

 

القلة والكثرة يستعملان في الاعداد، كما أن العظم والصغر يستعملان في الأجسام، ثم يستعار كل واحد من الكثرة والعظم ومن القلة والصغر للآخر.

 

وقوله: ﴿ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا﴾ أي وقتا وكذا قوله ﴿قم الليل إلا قليلا - وإذا لا تمتعون إلا قليلا﴾ وقوله: ﴿نمتعهم قليلا﴾ وقوله: ﴿ما قاتلوا إلا قليلا﴾ أي قتالا قليلا ﴿ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا﴾ أي جماعة قليلة.

 

وكذلك قوله ﴿إذ يريكهم الله في منامك قليلا - ويقللكم في أعينهم﴾ ويكنى بالقلة عن الذلة اعتبارا بما قال الشاعر: ولست بالأكثر منه حصا * وإنما العزة للكاثر وعلى ذلك قوله: ﴿واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم﴾ ويكنى بها تارة عن العزة اعتبارا بقوله: ﴿وقليل من عبادي الشكور - وقليل ما هم﴾ وذاك أن كل ما يعز يقل وجوده.

 

وقوله: ﴿وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾ يجوز أن يكون استثناء من قوله ﴿وما أوتيتم﴾ أي ما أوتيتم العلم إلا قليلا منكم، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف أي علما قليلا، وقوله: ﴿ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا﴾ يعنى بالقليل ههنا أعراض الدنيا كائنا ما كان، وجعلها قليلا في جنب ما أعد الله للمتقين في القيامة، وعلى ذلك قوله: ﴿قل متاع الدنيا قليل﴾ وقليل يعبر به عن النفي نحو قلما يفعل فلان كذا ولهذا يصح أن يستثنى منه على حد ما يستثنى من النفي فيقال قلما يفعل كذا إلا قاعدا أو قائما وما يجرى مجراه، وعلى ذلك حمل قوله ﴿قليلا ما تؤمنون﴾ وقيل معناه تؤمنون إيمانا قليلا، والايمان القليل هو الاقرار والمعرفة العامية المشار إليها بقوله ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ وأقللت كذا وجدته قليل المحمل أي خفيفا إما في الحكم أو بالإضافة إلى قوته، فالأول نحو أقللت ما أعطيتني.

 

والثاني قوله: ﴿أقلت سحابا ثقالا﴾ أي احتملته فوجدته قليلا باعتبار قوتها، واستقللته رأيته قليلا نحو استخففته رأيته خفيفا، والقلة ما أقله الانسان من جرة وحب، وقلة الجبل شعفه اعتبارا بقلته إلى ما عداه من أجزائه، فأما تقلقل الشئ إذا اضطرب وتقلقل المسمار فمشتق من القلقلة وهي حكاية صوت الحركة.