قرأ:

 

قرأت المرأة: رأت الدم، وأقرأت: صارت ذات قرء، وقرأت الجارية استبرأتها بالقرء.

 

والقرء في الحقيقة اسم للدخول في الحيض عن طهر.

 

ولما كان اسما جامعا للامرين الطهر والحيض المتعقب له أطلق على كل واحد منهما، لان كل اسم موضوع لمعنيين معا يطلق على كل واحد منهما إذا انفرد كالمائدة للخوان وللطعام، ثم قد يسمى كل واحد منهما بانفراده به.

 

وليس القرء اسما للطهر مجردا ولا للحيض مجردا بدلالة أن الطاهر التي لم تر أثر الدم لا يقال لها ذات قرء وكذا الحائض التي استمر بها الدم والنفساء لا يقال لها ذلك.

 

وقوله: ﴿يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾ أي ثلاثة دخول من الطهر في الحيض.

 

وقوله عليه الصلاة والسلام: " اقعدي عن الصلاة أيام أقرائك " أي أيام حيضك فإنما هو كقول القائل افعل كذا أيام ورود فلان، ووروده إنما يكون في ساعة وإن كان ينسب إلى الأيام.

 

وقول أهل اللغة إن القرء من قرأ أي جمع، فإنهم اعتبروا الجمع بين زمن الطهر وزمن الحيض حسبما ذكرت لاجتماع الدم في الرحم، والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها إلى بعض في الترتيل، وليس يقال ذلك لكل جمع لا يقال قرأت القوم إذا جمعتهم، ويدل على ذلك أنه لا يقال للحرف الواحد إذا تفوه به قراءة، والقرآن في الأصل مصدر نحو كفران ورجحان، قال: ﴿إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه﴾ قال ابن عباس: إذا جمعناه وأثبتناه في صدرك فاعمل به، وقد خص بالكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فصار له كالعلم كما أن التوراة لما أنزل على موسى والإنجيل على عيسى صلى الله عليهما وسلم.

 

قال بعض العلماء: تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين كتب الله لكونه جامعا لثمرة كتبه بل لجمعه ثمرة جميع العلوم كما أشار تعالى إليه بقوله: ﴿وتفصيل كل شئ﴾ وقوله: ﴿تبيانا لكل شئ - قرآنا عربيا غير ذي عوج - وقرآنا فرقناه لتقرأه - في هذا القرآن - وقرآن الفجر﴾ أي قراءته ﴿لقرآن كريم﴾ وأقرأت فلانا كذا قال: ﴿سنقرئك فلا تنسى﴾ وتقرأت تفهمت وقارأته دارسته.