قرب:

 

القرب والبعد يتقابلان، يقال قربت منه أقرب وقربته أقربه قربا وقربانا ويستعمل ذلك في المكان وفى الزمان وفى النسبة وفى الخطوة والرعاية والقدرة، فمن الأول نحو ﴿ولا تقربا هذه الشجرة - ولا تقربوا مال اليتيم - ولا تقربوا الزنا - فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا﴾.

 

وقوله ﴿ولا تقربوهن﴾ كناية عن الجماع كقوله ﴿لا يقربوا المسجد الحرام﴾، وقوله: ﴿فقربه إليهم﴾ وفى الزمان نحو ﴿اقترب للناس حسابهم﴾ وقوله ﴿وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون﴾ وفى النسبة نحو: ﴿وإذا حضر القسمة أولوا القربى﴾، وقال: ﴿الوالدان والأقربون﴾ وقال: ﴿ولو كان ذا قربى - ولذي القربى - والجار ذي القربى - يتيما ذا مقربة﴾ وفى الحظوة ﴿والملائكة المقربون﴾ وقال في عيسى ﴿وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين - عينا يشرب بها المقربون - فأما إن كان من المقربين - قال نعم وإنكم لمن المقربين - وقربناه نجيا﴾ ويقال للحظوة القربة كقوله ﴿قربات عند الله ألا إنها قربة لهم - تقربكم عندنا زلفى﴾ وفى الرعاية نحو ﴿إن رحمة الله قريب من المحسنين﴾ وقوله ﴿فإني قريب أجيب دعوة الداع﴾ وفى القدرة نحو ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ وقوله ﴿ونحن أقرب إليه منكم﴾ يحتمل أن يكون من حيث القدرة، والقربان ما يتقرب به إلى الله وصار في التعارف اسما للنسيكة التي هي الذبيحة وجمعه قرابين، قال: ﴿إذ قربا قربانا - حتى يأتيا بقربان﴾ وقوله: ﴿قربانا آلهة﴾ فمن قولهم قربان الملك لمن يتقرب بخدمته إلى الملك، ويستعمل ذلك للواحد والجمع ولكونه في هذا الموضع جمعا قال آلهة، والتقرب التحدي بما يقتضى حظوة وقرب الله تعالى من العبد هو بالافضال عليه والفيض لا بالمكان ولهذا روى أن موسى عليه السلام قال إلهي أقريب أنت فأناجيك ؟ أم بعيد فأناديك ؟ فقال: لو قدرت لك البعد لما انتهيت إليه، ولو قدرت لك القرب لما اقتدرت عليه.

 

وقال: ﴿ونحن أقرب إليه من حبل الوريد﴾ وقرب العبد من الله في الحقيقة التخصص بكثير من الصفات التي يصح أن يوصف الله تعالى بها وإن لم يكن وصف الانسان بها على الحد الذي يوصف تعالى به نحو: الحكمة والعلم والحلم والرحمة والغنى وذلك يكون بإزالة الأوساخ من الجهل والطيش والغضب والحاجات البدنية بقدر طاقة البشر وذلك قرب روحاني لا بدني، وعلى هذا القرب نبه عليه الصلاة والسلام فيما ذكر عن الله تعالى: " من تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا " وقوله عنه " ما تقرب إلى عبد بمثل أداء ما افترضت عليه وإنه ليتقرب إلى بعد ذلك بالنوافل حتى أحبه " الخبر وقوله: ﴿ولا تقربوا مال اليتيم﴾ هو أبلغ من النهى عن تناوله، لان النهى عن قربه أبلغ من النهى عن أخذه، وعلى هذا قوله: ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ وقوله: ﴿ولا تقربوهن حتى يطهرن﴾ كناية عن الجماع ﴿ولا تقربوا الزنا﴾ والقراب المقاربة، قال الشاعر: * فإن قراب البطن يكفيك ملؤه * وقدح قربان قريب من الملء، وقربان المرأة غشيانها، وتقريب الفرس سير يقرب من عدوه والقراب القريب، وفرس لاحق الأقراب أي الخواصر، والقراب وعاء السيف وقيل هو جلد فوق الغمد لا الغمد نفسه، وجمعه قرب وقربت السيف وأقربته ورجل قارب قرب من الماء وليلة القرب، وأقربوا إبلهم، والمقرب الحامل التي قربت ولادتها.