كذب:

 

قد تقدم القول في الكذب مع الصدق وأنه يقال في المقال والفعال، قال: ﴿إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون﴾، وقوله ﴿والله يشهد إن المنافقين لكاذبون﴾ وقد تقدم أنه كذبهم في اعتقادهم لا في مقالهم، ومقالهم كان صدقا، وقوله: ﴿ليس لوقعتها كاذبة﴾ فقد نسب الكذب إلى نفس الفعل كقولهم فعلة صادقة وفعلة كاذبة، قوله: ﴿ناصية كاذبة﴾ يقال رجل كذاب وكذوب وكذبذب وكيذبان، كل ذلك للمبالغة، ويقال لا مكذوبة أي لا أكذبك وكذبتك حديثا، قال تعالى: ﴿الذين كذبوا الله ورسوله﴾، ويتعدى إلى مفعولين نحو صدق في قوله ﴿لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق﴾ يقال كذبه كذبا وكذابا، وأكذبته: وجدته كاذبا، وكذبته: نسبته إلى الكذب صادقا كان أو كاذبا، وما جاء في القرآن ففي تكذيب الصادق نحو ﴿كذبوا بآياتنا - رب انصرني بما كذبون - بل كذبوا بالحق - كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا - كذبت ثمود وعاد بالقارعة - وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح - وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم﴾ وقال ﴿فإنهم لا يكذبونك﴾ قرئ بالتخفيف والتشديد، ومعناه لا يجدونك كاذبا ولا يستطيعون أن يثبتوا كذبك، وقوله ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا﴾ أي علموا أنهم تلقوا من جهة الذين أرسلوا إليهم بالكذب فكذبوا نحو فسقوا وزنوا وخطئوا، إذا نسبوا إلى شئ من ذلك، وذلك قوله: ﴿فقد كذبت رسل من قبلك﴾ وقوله ﴿فكذبوا رسلي﴾ وقوله ﴿إن كل إلا كذب الرسل﴾ وقرئ ﴿كذبوا﴾ بالتخفيف من قولهم كذبتك حديثا أي ظن المرسل إليهم أن المرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب وإنما ظنوا ذلك من إمهال الله تعالى إياهم وإملائه لهم، وقوله ﴿لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا﴾ الكذاب التكذيب والمعنى لا يكذبون فيكذب بعضهم بعضا، ونفى التكذيب عن الجنة يقتضى نفى الكذب عنها وقرئ ﴿كذابا﴾ من المكاذبة أي لا يتكاذبون تكاذب الناس في الدنيا، يقال حمل فلان على فرية وكذب كما يقال في ضده صدق.

 

وكذب لبن الناقة إذا ظن أن يدوم مدة فلم يدم.

 

وقولهم كذب عليك الحج قيل معناه وجب فعليك به، وحقيقته أنه في حكم الغائب البطئ وقته كقولك قد فات الحج فبادر أي كاد يفوت.

 

وكذب عليك العسل بالنصب أي عليك بالعسل وذلك إغراء، وقيل العسل ههنا العسلان وهو ضرب من العدو، والكذابة ثوب ينقش بلون صبغ كأنه موشى وذلك لأنه يكذب بحاله.