نهى:

 

النهى الزجر عن الشئ، قال: ﴿أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى﴾ وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة افعل نحو اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل.

 

ومن حيث اللفظ هو قولهم: لا تفعل كذا، فإذا قيل لا تفعل كذا فنهى من حيث اللفظ والمعنى جميعا نحو: ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ ولهذا قال: ﴿ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة﴾ وقوله: ﴿وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى﴾ فإنه لم يعن أن يقول لنفسه لا تفعل كذا، بل أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عما نزعت إليه وهمت به، وكذا النهى عن المنكر يكون تارة باليد وتارة باللسان وتارة بالقلب، قال: ﴿أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا﴾ وقوله: ﴿إن الله يأمر - إلى قوله - وينهى عن الفحشاء﴾ أي يحث على فعل الخير ويزجر عن الشر، وذلك بعضه بالعقل الذي ركبه فينا، وبعضه بالشرع الذي شرعه لنا، والانتهاء الانزجار عما نهى عنه، قال تعالى: ﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف﴾ وقال: ﴿لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا﴾ وقال ﴿لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين - فهل أنتم منتهون - فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف﴾ أي بلغ به نهايته.

 

والانهاء في الأصل إبلاغ النهى، ثم صار متعارفا في كل إبلاغ فقيل أنهيت إلى فلان خبر كذا أي بلغت إليه النهاية، وناهيك من رجل كقولك حسبك، ومعناه أنه غاية فيما تطلبه وينهاك عن تطلب غيره، وناقة نهبة تناهت سمنا، والنهية العقل الناهي عن القبائح جمعها نهى، قال ﴿إن في ذلك لآيات لأولي النهى﴾ وتنهية الوادي حيث ينتهى إليه السيل، ونهاء النهار ارتفاعه وطلب الحاجة حتى نهى عنها أي انتهى عن طلبها، ظفر بها أو لم يظفر.