ندا:

 

النداء رفع الصوت وظهوره، وقد يقال ذلك للصوت المجرد وإياه قصد بقوله: ﴿ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء﴾ أي لا يعرف إلا الصوت المجرد دون المعنى الذي يقتضيه تركيب الكلام.

 

ويقال للمركب الذي يفهم منه المعنى ذلك، قال تعالى ﴿وإذ نادى ربك موسى﴾ وقوله ﴿وإذا ناديتم إلى الصلاة﴾ أي دعوتم وكذلك ﴿إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة﴾ ونداء الصلاة مخصوص في الشرع بالألفاظ المعروفة وقوله: ﴿أولئك ينادون من مكان بعيد﴾ فاستعمال النداء فيهم تنبيها على بعدهم عن الحق في قوله: ﴿واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب - وناديناه من جانب الطور الأيمن﴾ وقال: ﴿فلما جاءها نودي﴾ وقوله: ﴿إذ نادى ربه نداء خفيا﴾ فإنه أشار بالنداء إلى الله تعالى لأنه تصور نفسه بعيدا منه بذنوبه وأحواله السيئة كما يكون حال من يخاف عذابه، وقوله: ﴿ربنا إننا سمعنا مناديا ينادى للايمان﴾ فالإشارة بالمنادي إلى العقل والكتاب المنزل والرسول المرسل وسائر الآيات الدالة على وجوب الايمان بالله تعالى.

 

وجعله مناديا إلى الايمان لظهوره ظهور النداء وحثه على ذلك كحث المنادى.

 

وأصل النداء من الندى أي الرطوبة، يقال صوت ندى رفيع، واستعارة النداء للصوت من حيث أن من يكثر رطوبة فمه حسن كلامه ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق، ويقال ندى وأنداء وأندية، ويسمى الشجر ندى لكونه منه وذلك لتسمية المسبب باسم سببه وقول الشاعر: * كالكرم إذ نادى من الكافور * أي ظهر ظهور صوت المنادى، وعبر عن المجالسة بالنداء حتى قيل للمجلس النادي والمنتدى والندى وقيل ذلك للجليس، قال ﴿فليدع ناديه﴾ ومنه سميت دار الندوة بمكة وهو المكان الذي كانوا يجتمعون فيه.

 

ويعبر عن السخاء بالندى فيقال فلان أندى كفا من فلان وهو يتندى على أصحابه أي يتسخى، وما نديت بشئ من فلان أي ما نلت منه ندى، ومنديات الكلم المخزيات التي تعرف.