ولى
الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان ومن حيث النسبة ومن حيث الدين ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة، والولاية تولى الامر، وقيل الولاية والولاية.
نحو الدلالة والدلالة، وحقيقته تولى الامر.
والولي والمولى يستعملان في ذلك كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل أي الموالى، وفى معنى المفعول أي الموالى، يقال للمؤمن هو ولى الله عز وجل ولم يرد مولاه، وقد يقال: الله تعالى ولى المؤمنين ومولاهم، فمن الأول قال الله تعالى: ﴿اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ﴾، ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللّهُ﴾، ﴿وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا﴾، ﴿نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾، ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى﴾ قال عز وجل: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ﴾، ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ﴾، ﴿ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ﴾.
والوالي الذي في قوله: ﴿وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ بمعنى الولي ونفى الله تعالى الولاية بين المؤمنين والكافرين في غير آية، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ -إلى قوله- وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾، ﴿لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء﴾، ﴿وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء﴾، ﴿مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء﴾، ﴿تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ -إلى قوله- وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء﴾.
وجعل بين الكافرين والشياطين موالاة في الدنيا ونفى بينهم الموالاة في الآخرة، قال الله تعالى في الموالاة بينهم في الدنيا: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ﴾ وقال: ﴿إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ﴾، ﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾، ﴿فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ﴾.
فكما جعل بينهم وبين الشيطان موالاة جعل للشيطان في الدنيا عليهم سلطانا فقال: ﴿إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ﴾ ونفى الموالاة بينهم في الآخرة فقال في موالاة الكفار بعضهم بعضا: ﴿يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا﴾، ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ﴾، ﴿قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا﴾ الآية، وقولهم تولى إذا عدى بنفسه اقتضى معنى الولاية وحصوله في أقرب المواضع منه يقال وليت سمعي كذا ووليت عيني كذا ووليت وجهي كذا أقبلت به عليه، قال الله عز وجل: ﴿فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾، ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾.
وإذا عدى بعن لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الاعراض وترك قربه، فمن الأول قوله: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾، ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ومن الثاني قوله: ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾، ﴿إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾، ﴿فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ﴾، ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾، ﴿فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، ﴿وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ﴾، ﴿فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
والتولي قد يكون بالجسم وقد يكون بترك الاصغاء والائتمار، قال الله عز وجل: ﴿وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ أي لا تفعلوا ما فعل الموصوفون بقوله: ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ ولا ترتسموا قول من ذكر عنهم: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ﴾ ويقال ولاه دبره إذا انهزم.
وقال تعالى: ﴿وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ﴾، ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾ وقوله: ﴿هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا﴾ أي ابنا يكون من أوليائك، وقوله: ﴿خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي﴾ قيل ابن العم وقيل مواليه.
وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ﴾ فيه نفى الولي بقوله عز جل: ﴿مِّنَ الذُّلَّ﴾ إذ كان صالحو عباده هم أولياء الله كما تقدم لكن موالاتهم ليستولي هو تعالى بهم وقوله: ﴿وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا﴾ والولي المطر الذي يلي الوسمي، والمولى يقال للمعتق والمعتق والحليف وابن العم والجار وكل من ولى أمر
الاخر فهو وليه، ويقال فلان أولى بكذا أي أحرى، قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾، ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾، ﴿فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾، ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ وقيل: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ من هذا، معناه العقاب أولى لك وبك، وقيل هذا فعل المتعدى بمعنى القرب، وقيل معناه انزجر.
ويقال ولى الشئ الشئ وأوليت الشئ شيئا آخر أي جعلته يليه، والولاء في العتق هو ما يورث به ونهى عن بيع الولاء وعن هبته، والموالاة بين الشيئين المتابعة.