يد

الْيَدُ: الجارحة. أصله: يَدْيٌ لقولهم في جمعه: أَيْدٍ ويَدِيٌّ، وأَفعُلُ في جمع فَعْلٍ أكثرُ، نحو أفلُس وأكلُب.

وقيل: يَدِيٌّ نحو عَبْدٍ وعَبِيدٍ، وقد جاء في جمع فَعَلٍ نحو: أَزمُن وأَجبُل. قال تعالى: ﴿إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ﴾(1) ﴿أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها﴾(2). وقولهم: يَدَيَانِ على أن أصله يَدْيٌ، على وزن فَعْلٍ، ويَدَيْتُهُ: ضربت يَدَهُ.

واستعير اليَدُ للنعمة، فقيل: يَدَيْتُ إليه، أي أسديت إليه. وتجمع على أَيَادٍ، وقيل: يَدِيٌّ.

قال الشاعر: فإن له عندي يَدِيّاً وأَنْعُماً. وللحَوْز والملك مرةً يقال: هذا في يَدِ فلانٍ، أي في حوزه وملكه. قال تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾(3) وقولهم: وقع في يَدَيْ عَدْلٍ.

وللقوة مرةً، يقال لفلان يَدٌ على كذا ومالي بكذا يَدٌ، ومالي به يَدَانِ.

قال الشاعر: فاعْمَدْ لما تَعْلُو فمالكَ بالذي ** لا تستطيعُ من الأمور يَدَانِ

وشُبِّه الدَّهر فجعل له يَدٌ في قولهم: يَدُ الدهر ويَدُ المِسْنَد وكذلك الريح في قول الشاعر: بِيَدِ الشمال زمامها لما له من القوة. ومنه قيل: أنا يَدُكَ. ويقال: وضع يَدَهُ في كذا: إذا شرع فيه. ويَدُهُ مطلقة: عبارة عن إيتاء النعيم، ويَدٌ مَغْلُولَةٌ: عبارة عن إمساكها. وعلى ذلك قيل: ﴿وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ الله مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ﴾(4).

ويقال: نفضت يَدِي عن كذا أي خليت. وقوله عز وجل: ﴿إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾(5) أي قويت يَدَكَ. وقوله: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ﴾(6) فنسبته إلى أَيْدِيهِمْ تنبيهٌ على أنهم اختلقوه، وذلك كنسبة القول إلى أفواههم في قوله عز وجل: ﴿ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ﴾(7) تنبيهاً على اختلاقهم.

وقوله: ﴿أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها﴾(8) وقوله: ﴿أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبصارِ﴾(9) إشارة إلى القوة الموجودة لهم.

وقوله: ﴿وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ﴾(10) أي القوة. وقوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ﴾(11) أي يعطون ما يعطون عن مقابلة نعمة عليهم في مقارَّتهم. وموضع قوله عَنْ يَدٍ في الإعراب: حال. وقيل: بل اعتراف بأن أَيْدِيَكُمْ فوق أَيْدِيهِمْ، أي يلتزمون الذل.

وخذ كذا أثر ذي يَدَيْنِ. ويقال: فلانٌ يَدُ فلانٍ، أي وَلِيُّهُ وناصرُهُ. ويقال لأولياء الله: هم أَيْدِي الله، وعلى هذا الوجه قال عز وجل: ﴿إن الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إنما يُبايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾(12) فإذاً يَدُهُ (عليه الصلاة والسلام) يَدُ الله، وإذا كان يَدُهُ فوق أيديهم فيَدُ الله فوق أيديهم.

ويؤيد ذلك ما روي: لا يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويَدَهُ التي يبطش بها.

وقوله تعالى: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا﴾(13) وقوله: ﴿لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ﴾(14) فعبارةٌ عن توليه لخلقه باختراعه الذي ليس إلا له عز وجل. وخُصَّ لفظ اليَدِ ليتصوَّر لنا المعنى، إذ هو أجلُّ الجوارح التي يتولى بها الفعل فيما بيننا، ليتصور لنا اختصاص المعنى لا لنتصور منه تشبيهاً. وقيل معناه: بنعمتي التي رشحتها لهم. والباء فيه ليس كالباء في قولهم: قطعته بالسكين بل هو كقولهم: خرج بسيفه، أي معه سيفه، معناه: خلقته ومعه نعمتاي الدنيوية والأخروية اللتان إذا رعاهما بلغ بهما السعادة الكبرى.

وقوله: ﴿يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾(15) أي نصرته ونعمته وقوته. ويقال: رجل يَدِيٌّ، وامرأةٌ يَدِيَّةٌ أي صَنَّاع.

وأما قوله تعالى: ﴿وَلما سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ﴾(16) أي ندموا. يقال: سقط في يَدِهِ وأسقط: عبارة عن المتحسر، أي عمن يقلب كفيه كما قال عز وجل: ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها﴾(17).

وقوله: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ﴾(18) أي كفوا عما أمروا بقبوله من الحق، يقال: ردّ يَدَهُ في فمه. أي أمسك ولم يجب. وقيل: رَدُّوا أَيْدِيَ الأنبياءِ في أفواههم، أي قالوا ضعوا أناملكم على أفواهكم واسكتوا، وقيل: ردوا نعم الله بأفواههم بتكذيبهم.

1- سورة المائدة / 11.

2- سورة الأعراف / 195.

3- سورة البقرة / 237.

4- سورة المائدة / 64.

5- سورة المائدة / 110.

6- سورة البقرة / 79.

7- سورة التوبة / 30.

8- سورة الأعراف / 195.

9- سورة ص / 45.

10- سورة ص / 17.

11- سورة التوبة / 29.

12- سورة الفتح / 10.

13- سورة يس / 71.

14- سورة ص / 75.

15- سورة الفتح / 10.

16- سورة الأعراف / 149.

17- سورة الكهف / 42.

18- سورة إبراهيم / 9.