هجر:

 

الهجر والهجران مفارقة الانسان غيره إما بالبدن أو باللسان أو بالقلب، قال تعالى ﴿واهجروهن في المضاجع﴾ كناية عن عدم قربهن، وقوله تعالى: ﴿إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا﴾ فهذا هجر بالقلب أو بالقلب واللسان.

 

وقوله: ﴿واهجرهم هجرا جميلا﴾ يحتمل الثلاثة ومدعو إلى أن يتحرى أي الثلاثة إن أمكنه مع تحرى المجاملة، وكذا قوله تعالى: ﴿واهجرني مليا﴾ وقوله تعالى: ﴿والرجز فاهجر﴾ فحث على المفارقة بالوجوه كلها.

 

والمهاجرة في الأصل مصارمة الغير ومتاركته، من قوله عز وجل: ﴿والذين هاجروا وجاهدوا﴾ وقوله: ﴿للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم﴾ وقوله: ﴿ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله - فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله﴾ فالظاهر منه الخروج من دار الكفر إلى دار الايمان كمن هاجر من مكة إلى المدينة، وقيل مقتضى ذلك هجران الشهوات والأخلاق الذميمة والخطايا وتركها ورفضها، وقوله ﴿إني مهاجر إلى ربى﴾ أي تارك لقومي وذاهب إليه.

 

وقوله ﴿ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها﴾ وكذا المجاهدة تقتضي مع العدى مجاهدة النفس كما روى في الخبر " رجعتم من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر "، وهو مجاهدة النفس.

 

وروى " هاجروا ولا تهجروا " أي كونوا من المهاجرين ولا تتشبهوا بهم في القول دون الفعل، والهجر الكلام القبيح المهجور لقبحه.

 

وفى الحديث " ولا تقولوا هجرا " وأهجر فلان إذا أتى بهجر من الكلام عن قصد، وهجر المريض إذا أتى ذلك من غير قصد وقرئ ﴿مستكبرين به سامرا تهجرون﴾ وقد يشبه المبالغ في الهجر بالمهجر فيقال أهجر إذا قصد ذلك، قال الشاعر: كما جدة الأعراق قال ابن ضرة * عليها كلاما جار فيه وأهجرا ورماه بها جرات كلامه أي فضائح كلامه، وقوله فلان هجيراه كذا إذا أولع بذكره وهذى به هذيان المريض المهجر، ولا يكاد يستعمل الهجير إلا في العادة الذميمة اللهم إلا أن يستعمله في ضده من لا يراعى مورد هذه الكلمة عن العرب.

 

والهجير والهاجرة الساعة التي يمتنع فيها من السير كالحر كأنها هجرت الناس وهجرت لذلك، والهجار حبل يشد به الفحل فيصير سببا لهجرانه الإبل، وجعل على بناء العقال والزمام، وفحل مهجور أي مشدود به، وهجار القوس وترها وذلك تشبيه بهجار الفحل.