معنى: ﴿وَأَنفُسَنَا﴾ في آية المباهلة

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

قال الله تعالى: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾(1)، نقول نحن الشيعة إنَّ المقصود من أنفسنا هو الإمام علي (ع)، حيث قرن الرسول (ص) نفس عليٍّ (ع) بنفسه وبذلك أصبح الإمام عليٌّ (ع) نفس الرسول الكريم (ص)، ولكن يردُّ بعض السنَّة هذا الاحتجاج بقولهم: إنَّ الآية لا تعني ذلك ، فالمقصود ﴿وأَنفُسَكُمْ﴾ وهم نصارى نجران لم يكونوا بنفس المعنى الذي ندَّعيه نحن في ﴿وَأَنفُسَنَا﴾ وكذلك ذكر القرآن أكثر من آية فيها: ﴿وَأَنفُسَنَا﴾ لكن ليس المقصود منها نفس ما ندَّعيه؟

الجواب:

اتَّفق العلماء والمحدِّثون من الفريقين على أنَّ رسول الله (ص) جعل مصداق ﴿أَبْنَاءنَا﴾ الواردة في الآية الشريفة الحسن والحسين (ﻉ) وجعل مصداق ﴿نِسَاءنَا﴾ فاطمةَ الزهراء (ع) وجعل مصداق ﴿وَأَنفُسَنَا﴾ الإمام علي (ع) فنزَّل رسولُ الله (ص) عليًا (ع) منزلةَ نفسه واختاره دون بقية المسلمين ليكون طرفًا في المباهلة، وتنزيلُ رسول الله (ص) عليًا (ع) منزلة نفسه تعبيرٌ عن امتياز عليٍّ (ع) عن سائر المسلمين وأنَّه واجدٌ لملكاتٍ خاصَّة أهَّلته لهذه المنزلة.

وأمَّا نصارى نجران فلهم أنْ يختاروا من يشاؤون ممَّن يرون فيهم الكفاءة لهذه المهمَّة الخطيرة، ولن يختاروا إلا مَن هو متميِّز فيما بينهم.

فنحن لا نقول إنَّ لفظ أنفسنا دائمًا يُطلق ويُراد منه التنزيل وإنَّما استُفيد التنزيل هنا بواسطة تطبيق رسول الله (ص) كلمة ﴿وَأَنفُسَنَا﴾ على خصوص الإمام عليٍّ (ع) رغم كثرة المسلمين، ورسولُ الله (ص) لا يختار من باعثٍ عاطفي لإنَّه معصوم قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى / إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾(2).

فلم يجعله في مقام نفسه إلا لإنَّه وجد فيه الكفاءة الكاملة بل إنَّ الله أمره بذلك. لأنَّ كلَّ ما يصدر عن رسول الله (ص) وحيٌ يُوحى كما تؤكد الآية الشريفة.

وهنا نشير إلى بعض المصادر السنية التي ذكرت أنَّ رسول الله (ص) طبَّق ﴿وَأَنفُسَنَا﴾ على الإمام علي (ع) وقد قلنا أنَّ الروايات متفقة على ذلك(3).

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة آل عمران / 61.

2- سورة النجم / 3-4.

3- مسند احمد -احمد بن حنبل- ج1 / ص185، صحيح مسلم -مسلم النيسابوري- ج7 / ص121، ،سنن الترمذي -الترمذي- ج4 / ص293، ج5 / ص302 قال: هذا حديث حسن غريب صحيح، المستدرك -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص150 قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، معرفة علوم الحديث -الحاكم النيسابوري- ص50 قال: وقد تواترت الاخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوا فاطمة وراءهم ثم قال هؤلاء أبناءنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ثم نبتهل، مسند سعد بن أبي وقاص-أحمد بن إبراهيم الدورقي- ص51 وغيرهم كثير.