الإسلام

قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى ..﴾(1)

أولاً: الإسلام:

وله إطلاقان، فتارة يطلق ويراد منه التسليم والانقياد التام، وبهذا المعنى تشترك كل الرسالات السماوية، فكلها تدعو إلى الانقياد والتسليم لله عزّ وجلّ باعتباره المولى الخالق المبدئ المعيد والإله الأوحد، وقد جاء في القرآن الكريم بعض الآيات التي تتكلم عن بعض الأنبياء الكرام (عليهم السلام) وأنهم قد دعوا قومهم إلى الإسلام والتسليم.

ومن أمثلة ذلك:

قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ ..﴾(2).

وقوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ / بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(3).

وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾(4).

وقوله تعالى: ﴿أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾(5).

وقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً ..﴾(6).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾(7).

وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾(8).

وقوله تعالى: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (9).

وغير ذلك من الآيات الشريفة والتي تتحدث عن الإسلام بمعناه العام الذي هو التسليم والانقياد لرب العالمين.

وتارة يطلق ويراد منه خصوص الرسالة الخاتمة وهي شريعة سيد الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا ما يعرف بالمعنى الأخص، بعبارة أخرى أن الإسلام بمعناه العام يشمل كل الرسالات وبمعناه الاصطلاحي الخاص هو الرسالة الإسلامية الخاتمة.

وعليه يكون هذا الاطلاق والاستعمال مشيراً إلى أن الإسلام هو الشريعة الخاتمة التي جاء بها النبي الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) وبها ختمت الشرائع والرسالات ونسخت الأديان وهو المشار إليه في قوله تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾(10).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾(11).

وقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾(12).

وقوله تعالى: ﴿فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ..﴾(13).

وقوله تعالى: ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ..﴾(14).

وآيات أخرى كثيرة وردت في الكتاب المجيد تتحدث عن الإسلام المحمدي وتنص هذه الرسالة المقدسة على التسليم والانقياد والإذعان والإخلاص للخالق المبدئ المعيد الإله العظيم الذي لا إله إلا هو فرداً صمداً، وأن هذا الانقياد والطاعة والإخلاص والتوحيد له سبحانه وتعالى لا يتحقق إلا بالتسليم لنبيه العظيم المبعوث رحمة للعالمين والذي طاعته من طاعة الله تعالى وتكذيبه أو الرد عليه هو تكذيب له تعالى شأنه، ولهذا قال تعالى في محكم كتابه وشريف خطابه: ﴿قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾(15).

وقوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾(16).

وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ..﴾(17).

وقوله تعالى: ﴿وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ﴾(18).

وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾(19).

وقد جاءت آيات كثيرة في هذا المقام تؤكد أن مقتضى الإسلام والتسليم هو الانقياد والطاعة لرسول الله العظيم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذه الطاعة والانقياد غير محددة وغير محصورة فهي تستوعب كل الأمور التي وجه إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله) باعتباره مبلغاً عن الله تعالى ولا ينطق عن الهوى، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى / إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾(20).

والإسلام باعتباره الرسالة الخاتمة الخالدة فهو رسالة عالمية عامة لا يختص بها قوم دون قوم ولا يحق لمجتمع ولا قوم أن يحتكروها عن الآخرين، فالجميع مخاطب بها ومسؤولون عنها.

قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ..﴾(21).

وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾(22).

وهي رسالة إنسانية لا تفاضل ولا تمايز بين أفرادها إلا على أساس العمل الصالح والتقوى، فالأفضل هو الأكرم عند الله بمقدار طاعته والتزامه وعبادته وإخلاصه لا بما يستحوذ ويملك ويقهر ويرتفع في عالم الدنيا.

قال تعالى شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾(23).

وبهذا يتضح أنّ الإسلام هو التسليم لله تعالى والانقياد لأوامره والإخلاص له وحده والإقرار بربوبيته والعبودية له.

وقد جاء في بيان حقيقة الإسلام قول مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه): "لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي. الإسلام هو التسليم والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل"(24).

والإسلام ليس فقط ديناً تعبدياً، بل هو نظام حياة شامل كامل، فهو ينظم حياة الإنسان في مختلف مجالات حياته وجوانبها؛ فهو له رؤيته الإنسانية ومنهجيته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية .. إلخ، من الأنشطة المختلفة والتي ربطها بمنظومة عبادية ترفع من درجات الإنسان وتجعله أسمى المخلوقات.

إن نظريات الإسلام من حيث الانسجام والكمال والشمول والاستيعاب لجميع الجوانب الروحية والمادية ومن جهة العمق لا مثيل لها على مستوى كل الأفكار والمدعيات، فإنها لا تضارب ولا تقاطع بينها فهي صادرة عن الحكيم المطلق والعليم المطلق والخبير المطلق الأعلم بما يصلح حياة الإنسان، ولذا فهي تشتمل على كل طرق الخير والسعادة، وهو قادر على أن يعالج كل مشاكل البشر.

إن للإنسان في فكر الإسلام منزلة عظيمة وشأناً رفيعاً لذلك اهتم بتربيته وتكامله من جميع الجوانب ونظم علاقته بالله تعالى لتتوازن علاقاته بمحيطه الإنساني والمادي وكذلك الأخروي. فإنه يرى أن حياة الإنسان لا تنقطع بموته ولا تنتهي بانتهائه من الوجود في هذا العالم بل إن حياته خالدة ومستمرة وأن الجانب الدنيوي لا ينفك ولا ينفصل عن العالم الأخروي، ولهذا نجده يضع برنامجاً مشرقاً وحركياً بغية تربية الإنسان والوصول به إلى التحليق في فضاء الكمالات والنعيم الخالد الأبدي.

إن الإسلام ليس نظرية مثالية تقطع الإنسان عن عالمه وتأخذه في رحلة من عالم التصورات والخيالات والأوهام، ولا هو نظرية تدفع بالإنسان نحو عبادة المادة والشهوة فيخلد إلى الأرض وينسى آخرته ومعاده وحسابه، وليس هو أفكاراً خرافيّة تملأ أذهان المعتقدين بها وتعطل قواهم الفكرية وعقولهم .. إنه دين تحرر وارتقاء وانطلاق في فضاء الحرية، فهو جاء ليحرر العقول من الأوهام والخرافات ويحرر الأرواح من أسس العالم المادي والشهوي ويحرر الإنسان من كل ما يقطع صلته بخالقه وينتهي به إلى عالم الفناء والعذاب والشقاء.

ولهذا نجد أن نظام التربية الإسلامي يرتكز على أسس عظيمة يمكن إجمالها في:

1- تقويم الأفكار العقائدية وتهذيبها وتصنيفها ومن الأوهام والخرافات (تحرير العقول من أسس الخرافات).

2- تنمية وتعزيز الأصول الأخلاقية.

3- تنظيم وموازنة وتحسين العلاقات الاجتماعية.

4- القضاء على التمايزات الطبقية والفوارق المقامة على أساس العرق أو الجنس أو اللون.

إن تحرير الإنسان من أوهامه ونزواته وغرائزه هو الذي يجعل منه إنساناً بشرياً يساهم في بناء الحضارة والحياة، وهذا يتطلب أن يحكم المجتمع بمنظومة تشريعية تحفظ له هذا النوع من النقاء والبعد عن الأثر الغرائزي، إذ لا يمكن أن يكون نظاماً للحياة وهو يغفل الجوانب القانونية والتشريعية الماسة بحياة الإنسان، ولهذا فالإسلام له تركيزه الخاص على ضبط العلاقات المتوازنة في الحياة وإلغاء كل ما من شأنه أن يخلق فوارق طبقية عرقية أو قومية أو رأسمالية .. إلخ، فحصر الدور التشريعي في الله تعالى وربط الأمة برسولها وأوليائه الطاهرين كفيل بأن يجنب الأمة كل الأزمات التي تنشأ من سيطرة الوهم والغريزة كما يحصل فيما يدعيه البعض بالديمقراطية وحكم الأكثرية، فهي ليست مصيبة ومحقة على الدوام والاستمرار بالإضافة إلى ما يمثله من ظلم وإجحاف للآخرين، إنّ أزمّة التشريع في الإسلام هي بيد الله تعالى العادل الحكيم، لذلك لا مجال حين تطبيقها أن تحصل أنواع الفساد التي تعاني منها المجتمعات اليوم، فكيف نخاطبه سبحانه وتعالى بـ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وبـ ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء﴾ وننظر إليه بأنه الخالق العليم الحكيم .. وفي الوقت نفسه نضع لأنفسنا قوانين من وحي فكرنا القاصر وأوهامنا الواقعة تحت تأثير وسلطان الغريزة والشهوة، بل كيف يسمح البعض لنفسه أن يقول بفصل الدين عن السياسة وعن الاقتصاد وعن .. ثم يقول بإسلاميته وأن ذلك ما هو إلا تنزيهًا للدين عن السياسة ومزالقها .. إلخ، فهل الإسلام إلا نظامًا متكاملاً ومنظومة محكمة يتحرك فيها الإنسان وبها ينطلق في كل أبعاد حياته يعيش الطهارة الروحية والجسدية والفكرية فيرقى ليكون خليفة الله في أرضه.

هذا هو الإسلام كدين وعقيدة ونظام كما عبر عنه مولانا أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) في كلمته التي أشرنا إليها سابقاً. فالتسليم الذي يمثل الإسلام حقيقته لا يكون كذلك إلا إذا كان راسخًا في القلب ويصدقه اللسان وتلتزم به الجوارح وتعمل به وتنفذ تعاليمه وهذا هو جوهر الطاعة لله ولرسوله العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم).

أصول العقيدة الإسلامية وأركانها:

ترتكز العقيدة الإسلامية على أمور معينة تعتبر هي الأصول والأساس الذي عليه يقوم بناء الدين، وعلى المسلم الاعتقاد بها وعدم التقليد فيها، وهي:

1- التوحيد: وهو أن الله تعالى واحد أحد لا شريك له هو الخالق وهو المبدئ وهو المعيد وهو الرب العزيز الجبار.

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ / اللَّهُ الصَّمَدُ / لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ / وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾(25).

وقال تعالى: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾(26).

وعن المولى أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) في وصيته لابنه الحسن (صلوات الله عليه) أنه قال فيها: ".. واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد ولا يزول أبدًا ولم يزل أول قبل الأشياء بلا أولية وآخر بعد الأشياء بلا نهاية، عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر .."(27).

وعنه (صلوات الله وسلامه) عليه: "لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركًا ولم يلد فيكون موروثًا هالكًا ولم يتقدمه وقت ولا زمان ولم يتعاوده زيادة ولا نقصان، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن، والقضاء المبرم، فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد قائمات بلا سند .."(28).

وعنه (صلوات الله وسلامه عليه): "ما وحده من كيّفه، ولا حقيقته أصاب من مثّله، ولا إيّاه عنى من شبّهه، ولا صمّده من إليه أشار أو توهمه .."(29).

والتوحيد على أقسام أو أنواع هي:

أ- التوحيد في الذات: وهو يعني أن الله واحد في ذاته وغير مركب من أجزاء.

ب- التوحيد في الصفات: بمعنى أن صفاته عين ذاته وليست مغايرة، بمعنى أن ذاته شيء وصفاته شيء آخر زائدًا عليها بل إن صفاته هي ذاته.

وقد جاء في خطبة لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه): ".. أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص به له نفي الصفات عنه الشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف انه غير الصفة. فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثّناه ومن ثنّاه فقد جزّأه ومن جزّأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه ومن أشار إليه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه ..".

ج- التوحيد في الأفعال بمعنى أنه تعالى في أفعاله غير محتاج إلى وسيط ولا معين.

وخلاصة ذلك أن عقيدة التوحيد ترتكز على أركان ثلاثة: نفي الشريك ونفي التركيب ونفي الشبيه.

وللتوحيد أيضًا مراتب تتمثل في:

أ- التوحيد في مرتبة وجوب الوجود.

ب- التوحيد في الخالقية.

ج- التوحيد في التدبير والربوبية التكوينية والتشريعية.

د- التوحيد في الألوهية والمعبودية.

ر- التوحيد في الاستعانة.

ز- التوحيد في الخشية.

هـ- التوحيد في الأمل والرجاء.

و- التوحيد في المحبة.

2- العدل، وهو الاعتقاد بأنه سبحانه وتعالى عادلاًٍ قد وضع الأمور في مواضعها وأعطى كل شيء حقه وأنه سبحانه وتعالى يستحيل عليه فعل القبيح فكل فعله جميل وله حكمته وكما يشير الحكيم الدمستاني رضوان الله تعالى عليه:

العدل تنزيه الحكيم فعلا ** عن ما كان قبيحًا عقلا

وقد وقع الخلاف حول هذا الأصل بين المسلمين فذهبت الشيعة الإمامية إلى اعتباره أصلاً عقائديًا فالعقل حاكم بقبح صدور القبيح عنه سبحانه وتعالى وبحسن صدور الحسن ومن ذلك أنه لا يظلم أحدًا فمثقال ذرة فالظلم قبيح فمن المستحيل أن يصدر عنه سبحانه وتعالى.

وقد قال تعالى في الكتاب المجيد: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ﴾(30).

وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾(31).

وقال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾(32).

وقال تعالى: ﴿وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾(33).

وغير ذلك من الآيات الكثيرة التي تنفي عنه سبحانه وتعالى صدور الظلم أوالقبيح وفيما ينقل عن الإمام الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) أنه قال: "أما العدل فأن لا تنسب إلى الله ما لامك عليه".

أما الأشاعرة فقد ذهبوا مذهبًا بعيدًا حيث قالوا بعدم قدرة العقل على إدراك الحسن والقبيح وأن فعل الله كله عدل فلو أدخل المؤمن النار وأدخل العاصي إلى الجنة فإن ذلك عدل، ولا يمكن للعقل أن يستقبح هذه الحالة(34).

3- النبوة وهي الإخبار عن الله تعالى، حيث أرسل الله تعالى رسلاً من بني البشر يهدون الناس ويعلمونهم ويأخذونهم على طريق العبادة والاستقامة.

وإنَّه تعالى بمقتضى لطفه بعباده ورحمته وحكمته قد بعث الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين فقد قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(35) وإن هذه العبادة بحاجة إلى مربي ومخبر ومرسل يقوم بالتعليم والتزكية والهداية حتى يتم الحجة على العباد، وإنهم معصومون(36).

4- الإمامة وهي الجزء المكمل لرسالة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ تمثل خلافة إلهية وجَعْل منه سبحانه وتعالى وهي ليست من شؤون البشر وليس لهم التدخل فيها، فهي كما النبوة اختيار إلهي لأن الإمام يقوم مقام النبي في القيمومة على الدين وحفظ الشريعة .. فلا بد أن تتوفر فيه كل الكمالات والصفات المتوفرة في النبي غاية الأمر أنه لا يوحى إليه بشريعة.

وقد قال تعالى شأنه مخاطبًا نبيه العظيم (صلى الله عليه وآله): ﴿إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾(37).

وهذا الأصل أيضًا مما وقع فيه الخلاف بين المسلمين، فذهبت الشيعةالإمامية إلى اعتباره أصلاً وأقامت عليه الأدلة العقلية والنقلية وذهب الآخرون إلى استبعاده من الأصول وجعله فرعًا من الفروع وتنزيله ليكون من شؤون الناس .. إلخ(38).

5- المعاد والحساب وهو الاعتقاد بأن الله تعالى جامع الناس ليوم لا ريب فيه، ويكون ذلك للحساب والجزاء على الأعمال في عالم التكليف، حيث يبعث الله الناس ويحشرهم جميعًا(39).

فروع الدين:

وهي تعبير عن التكاليف المفروضة على المسلم والواجب عليه تأديتها قربة لله تعالى، بمعنى آخر هي ترجمة عملية للعقيدة تؤدى بشكل واجبات وفروض تكشف عن امتثال الإنسان وانقياده وتوضح هوية اعتقاده كما تمثل الشريعة الإلهية ومنها:

1- الصلاة وهي فرض على المسلم الالتزام به وأدائه والمحافظة عليه، فالصلاة بحسب الحديث الشريف هي معراج المؤمن وهي عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها، وهي بالإضافة إلى كونها فرضًا تكليفيًا فإن لها آثارها النفسية على المكلف أيضًا، وقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: "الصلاة من شرائع الدين وفيها مرضاة الرّب عزّ وجلّ فهي منهاج الأنبياء"(40).

وعنه (صلى الله عليه وآله): "جعل الله جلّ ثناؤه قرة عيني في الصلاة وحببّ إليّ الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن الماء، وإنّ الجائع إذا أكل شبع وإن الظمآن إذا شرب روى، وأنا لا أشبع من الصلاة"(41).

وعنه (صلى الله عليه وآله): "مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط، إذا ثبت العمود نفعت الأطناب والأوتاد والغشاء، وإذا انكسر العمود لم ينفع طنب ولا وتد ولا غشاء"(42).

وعنه (صلى الله عليه وآله): "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدًا"(43).

وعن الإمام الصادق (صلوات الله وسلامه عليه): "لو كان على باب أحدكم نهر فاغتسل منه كل يوم خمس مرّات هل كان يبقى على جسده من الدرن شيء؟ إنما مثل الصلاة مثل النهر الذي ينقّي كلّما صلّى صلاة كان كفارة لذنوبه إلا ذنب أخرجه من الإيمان مقيم عليه"(44).

2- الصيام وهو فرض تكليفي على المسلم وفيه تثبيت للإخلاص، وهو زكاة الأبدان .. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾(45).

وعن مولاتنا وسيدتنا الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها): "فرض الله عليكم الصيام تثبيتًا للإخلاص"(46).

3- الزكاة وهي فريضة مالية أوجبها الله تعالى على عباده تطهيرًا لأنفسهم ولأموالهم .. إلخ.

قال تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ﴾(47).

وعن المولى أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه): "إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانًا لأهل الإسلام فمن أعطاها طيّب النفس بها، فإنّها تجعل له كفّارة، ومن النّار حجازًا ووقاية، فلا يتبعنّها أحد نفسه، ولا يكثرنّ عليها لهفه، فإن من أعطاها غير طيّب النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسنة مغبون الأجر، ضالّ العمل، طويل الندم"(48).

4- الحج وهو هجرة إلى الله تلبية لندائه ووفادة إليه، فرض أوجبه الله تعالى على عباده وعد تاركه مع الاستطاعة كافرًا.

قال تعال: ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾(49).

وعن المولى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): "الحج جهاد كل ضعيف"(50).

وعنه (صلوات الله وسلامه عليه): "الحاجّ والمعتمر وفد الله، وحقّ على الله تعالى أن يكرم وفده ويحبوه بالمغفرة"(51).

5- الخمس وهي فريضة مالية أوجبها الله تعالى في كل مغنم ومكسب يكسبه الإنسان وهي حق الله ورسوله وأهل بيته وذريته الذين حرّم الله عليهم الصدقة وهي واجبة في أصل الشريعة فالجاحد لها أو منكرها إنما هو منكر لضرورة من ضرورات الدين.

قال تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾(52).

وعن الرسول الأعظم صلى اله عليه وآله وسلم: (إنه ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذا -وأشار إلى وبرة من سنام بعير- إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدّوا الخيط والمخيط) (53).

6- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من أهم الواجبات الشرعية فهو يمثل الحصانة للنفس وللمجتمع لأنه يخلق سور حول العقيدة والشريعة ويحمى المجتمع والفرد من الانحراف والزيغ، كما يمثل حركة دعوة للحق والفضيلة ودعوة للهدى ومقاومة للضلال والباطل، وما تركه قوم إلا ضربهم الله بالذلة وجعلهم فرية وطعمة لكل طاعم وغاشم. فهذه الفريضة لها أهميتها الخاصة على كل المستويات وهي من واجبات المسلم، فبها تؤدى الفرائض وتحمى الشعائر وتصان الحقوق وتعمّر الأرض ويستقيم الأمر.

قال تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(54).

عن مولانا أبي جعفر الباقر (صلوات الله وسلامه عليه): "أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرايض"(55).

وعن مولانا أبي جعفر الباقر ومولانا أبي عبد الله الصادق (صلوات الله وسلامه عليهما): "ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(56).

وغير ذلك من أحاكم الشريعة المقدسة والتي تمثل الفروع والأحكام التي هي التجسيد العملي للاعتقاد، وإنما تمت الإشارة إليه هو جزء منها على نحو الدلالة والإشارة مع مراعاة مناسبة المقام.

الكتاب المجيد المقدس:

كتاب المسلمين هو القرآن الكريم الذي يمثل الحبل الممدود من السماء فهو المنهج والدستور الذي يحوي الخطابات الإلهية وهو المعجزة العظمى، وعقيدة المسلمين قائمة على أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو ما أنزل على قلب النبي العظيم محمد (صلى الله عليه وآله) وأنه شافع ومشفع وله قدسيته.

عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) عن آبائه الأطهار (صلوات الله عليهم) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: "أيها النّاس إنكم في دار هدنة وأنتم على ظهر سفر والسير بكم سريع وقد رأيتم اللّيل والنهّار والشمس والقمر يبليان كلّ جديد ويقرّبان كلّ بعيد ويأتيان بكلّ موعود فأعدّوا الجهاز لبعد المجاز.

قال: فقام المقداد بن الأسود فقال: يا رسول الله وما دار الهدنة؟

قال (صلى الله عليه وآله): دار بلاغ وانقطاع فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وما حل مصدّق ومن جعله أمامه قاده إلى الجنّة ومن جعله خلفه ساقه إلى النّار، وهو الدّليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، به نجوم وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة، فليجل جال بصره وليبلغ الصفة نظره، ينج من عطب ويتخلص من نشب، فإنّ التفكر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنّور، فعليكم بحسن التخلّص وقلة التربّص"(57)(58).

فالقرآن هو قطب من من أقطاب الهداية ومصدر أصيل للتشريع الإسلامي، فإذا أضيفت إليه السنة الشريفة وبيان الأولياء انكشفت أسراره وتدفقت ينابيعه وكملت حلقات التشريع ومصادره.

فرق المسلمين:

انقسمت الأمة الإسلامية بعد رحيل الرسول الأعظم (ص) من دار الدنيا إلى مذاهب وطوائف، ثم تتابعت الاحداث فانقسم المسلمين إلى فرق أخرى وهكذا، ولكن الأبرز من هذه الفرق هي:

1- الفرقة أو الطائفة الشيعية، وهي التي تمسكت بالنص وأن الخلافة أمر إلهي عهد به رسول الله (ص) إلى علي (ع) وحدد من يأتي من بعده من الأئمة الخلفاء.

وهذه الطائفة قد لاقت من ظلم الأمة والتاريخ الشيء الكثير تبعاً لما تعرض له الأئمة (ع) من أذى الأمة التي لم تسدد أجر الرسالة.

وقد اثّرت فيها بعض الأحداث السياسية والنفسية وحدثت فيها انقسامات أخرى فظهرت منها فرق أخرى، وسيأتي الكلام عليها تفصيلاً.

2- طائفة أهل السنة والجماعة، وهذه لم تعرف بهذا الاسم في بداية الأمر إنما صار هذا الاسم علماً عليها بعد أحداث سنة 41هـ أما قبلها فكانت تمثل رأي مجموعة من الأصحاب قالوا بالشورى وحق الأمة في تعيين خليفة رسول الله (ص)، مع العلم بأنهم كانوا قد بايعوا علياً (ع) وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين في السنة العاشرة من بعد الهجرة النبوية المباركة فيما عرف بحجة الوداع وأحداث غدير خم، فلتراجع تلك الأمور في مصادر التاريخ والعقيدة.

وهذه الطائفة أيضاً قد انقسمت إلى أقسام وفرق كثيرة، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله.

الأعياد والمناسبات الدينية:

للمسلمين أعياداً قد حددتها الشريعة الإسلامية هي:

1- عيد الفطر: وهو اليوم الأول من شهر شوال حيث ياتي بعد الانتهاء من فريضة الصوم في شهر رمضان.

ويؤدي المسلمون فيه شعائر دينية خاصة تتمثل في صلاة العيد، بالإضافة إلى المظاهر الاحتفالية كظاهرة اجتماعية تتمثل في الزيارات للأهل والأقارب والجيران .. الخ.

والآن تختلف المجتمعات الإسلامية في الممارسة الاجتماعية للظاهرة الاحتفالية كل مجتمع بحسب عاداته واعرافه.

2- عيد الأضحى: وهو العيد الكبير الذي يكون في اليوم العاشر من ذي الحجة حيث يذبح الحاجّ أضاحيهم .. وله أيضاً شعائره عند عامة المسلمين من صلاة وممارسات اجتماعية أيضاً شبيهة بتلك المؤداة في عيد الفطر.

بالإضافة إلى عيد يوم الجمعة وهو الاحتفالية الإسبوعية بلقاء المؤمنين وأداء صلاة الجمعة .. وعيد الغدير (عيد تنصيب خليفة رسول الله (ص) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) والذي به كمل الدين وتمت النعمة وتحقق به رضا الرب الجليل كما أشارت إلى ذلك الآية الكريمة ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾(59).

وهذا العيد هو اعظم الاعياد وهو يصادف الثامن عشر من شهر ذي الحجة، حيث نزل الوحي المقدس على رسول الله (ص) يأمره بالتبليغ وكان ذلك في طريق عودته من آخر حجة له (ص) وهي المسماة بحجة الوداع عندما بلغ منطقة غدير خم في الطريق بين مكة والمدينة فنزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾(60).

فباتفاق أهل العلم والتفسير أنها نزلت في شأن علي (ع)، ومن ذلك ما جاء في ينابيع المودة:

أخرج الثعلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن محمد الباقر (ع) انهما قالا: نزلت هذه الآية في علي.

وايضاً الحمويني في فرائد السمطين أخرجه عن ابي هريرة.

وأيضاً المالكي أخرج في الفصول المهمة عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية في علي في غدير خم(61).

إلا أن العجيب أن الأمة قد انصرفت عن هذه المناسبة التي عظَّمها الله تعالى وحديثها من المتواترات، ولم يحافظ على هذا العيد وشعائره إلا الشيعة الإمامية.

كما أن هناك احتفالات بمناسبات دينية خاصة تمثل أيضاً مناسبات لها قدسيتها واحترامها كالمبعث النبوي والإسراء والمعراج والاحتفال بإحياء ليلة القدر والعشر الأواخر من شهر رمضان الكريم وليلة النصف من شعبان هذا بالإضافة إلى ذكر مواليد النبي (ص) وأهل بيته الطاهرين (ع) وكذلك الاحتفال بذكرى استشهادهم وعلى الخصوص إحياء ذكرى عاشوراء وهذه كلها مما حافظت عليه الشيعة وعظمته وأهمله الآخرون.

الأماكن المقدسة:

للمسلمين أماكن معينة تمثل قدسية خاصة منها:

1- الكعبة المشرفة والمسجد الحرام.

2- المسجد النبوي الشريف.

3- المسجد الأقصى.

وهذا بالإضافة إلى قدسية المدن كمكة المعظمة والمدينة المنورة.

كما أن هناك أماكن مقدسة أخرى وللأسف لم يعطها بقية المسلمون حقها واختصت بتعظيمها الشيعة وهي:

1- قبور الأئمة المعصومين في البقيع بالمدينة المنورة.

2- النجف الأشرف وفيها مرقد ومشهد الإمام أمير المؤمنين بن أبي طالب (ع).

3- كربلاء المقدسة وفيها مرقد ومشهد الإمام الحسين (ع) وصحبته وأنصاره (ع).

4- الكاظمية المشرفة وفيها مرقد الإمامين الكاظميين موسى بن جعفر وحفيده محمد بن علي الجواد (ع).

5- وسامراء وفيها مرقد ومشهد الإمامين العسكريين علي بن محمد الهادي وابنه الحسن بن علي العسكري (ع).

6- ومشهد المقدسة وفيها مرقد الإمام علي بن موسى الرضا (ع).

للوقوف على المزيد حول هذا الموضوع يمكن مراجعة كتب العقيدة الإسلامية وكتب التاريخ الإسلامي .. ومن ذلك:

1- الإلهيات: للشيخ جعفر السبحاني.

2- الله خالق الكون: للشيخ جعفر الهادي.

3- المغني في دروس العقيدة: للشيخ السبحاني.

4- دروس في العقيدة الإسلامية: للشيخ محمد تقي مصباح اليزدي.

5- الإسلام والحضارة الغربية: للسيد مجتبى الموسوي اللاري.

6- الإسلام ينابيعه -مناهجه- غاياته: للشيخ محمد أمين زين الدين.

وغيرها من الكتب ذات الاختصاص في العقيدة والسيرة والتاريخ الإسلامي.


1- سورة المائدة / 62.

2- سورة المائدة / 44.

3- سورة البقرة / 111-112.

4- سورة آل عمران / 67.

5- سورة يوسف / 101.

6- سورة البقرة / 128 .

7- سورة البقرة / 132.

8- سورة المائدة / 111.

9- سورة يونس / 72.

10- سورة آل عمران / 85.

11- سورة آل عمران / 19.

12- سورة المائدة / 3.

13- سورة الأنعام / 125.

14- سورة الزمر/ 22.

15- آل عمران / 32.

16- سورة آل عمران / 132.

17- سورة النساء / 59.

18- سورة المائدة / 92.

19- سورة محمد / 33.

20- سورة النجم / 3-4.

21- سورة سبأ / 28.

22- سورة الأنبياء / 107.

23- سورة الحجرات / 13.

24- سورة شرح نهج البلاغة -السيد عباس الموسوي- ج5 / ص301-302 / ط1 1998م- دار الرسول الأكرم (ص)- دار المحجّة البيضاء.

25- الإخلاص.

26- سورة آل عمران / 18.

27- شرح نهج البلاغة-السيد عباس الموسوي ج4 / ص251 / نص الخطاب: نهج البلاغة- محمد عبده ج3 / ص44 طبعة دار المعرفة- بيروت، نهج البلاغة -د. صبحي الصلح-قسم كتب أمير المؤمنين-الوصية 31 / ص396 الطبعة الأولى سنة 1967- بيروت.

28- نهج البلاغة -د. صبحي الصالح- الخطبة 182 / ص260.

29- نهج البلاغة -د. صبحي الصالح- الخطبة 186 / ص272.

30- سورة النحل / 90.

31- سورة النساء / 40.

32- سورة يونس / 44.

33- سورة الكهف / 49.

34- تفاصيل هذه الأمور تراجع في الكتب الاعتقادية من قبيل: المغني في الدروس العقيدة للشيخ السبحاني والفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية للشيخ محمد جميل حمود .. وغيرها.

35- سورة الذاريات / 56.

36- تراجع التفاصيل في كتب العقائد.

37- سورة الرعد / 7.

38- في المسألة بحوث وتفاصيل تراجع في الكتب الاعتقادية.

39- حول هذه الأصول وتفاصيلها ينبغي مراجعة كتب العقيدة الإسلامية فهي توفر أبحاثًا تفصيلية تخدم المؤمن في عقيدته وتوقفه على كل التفاصيل.

40- ميزان الحكمة ج5 / ص366 / حديث10228.

41- ميزان الحكمة ج5 / ص367 / حديث10235.

42- ميزان الحكمة ج5 / ص369 / حديث10246.

43- ميزان الحكمة ج5 / ص370 / حديث 10251.

45- سورة البقرة / 183.

46- ميزان الحكمة ج5 / ص466 / حديث10614.

47- سورة البقرة / 110.

48- ميزان الحكمة ج4 / ص223 / حديث7588.

49- سورة آل عمران / 97.

50- ميزان الحكمة ج2 / ص262 / حديث3258.

51- ميزان الحكمة ج2 / ص262 / حديث3260.

52- سورة الأنفال / 41.

53- سورة ميزان الحكمة ج3 / ص168 / حديث5160.

54- سورة آل عمران / 104.

55- الفصول المهمة في أصول الأئمة- الحر العاملي ج2 / ص225 / حديث1701.

56- وسائل الشيعة إلى تحصيل السريعة- الحر العاملي- ج11 / ص393 / حديث1.

57- أصول الكافي ج2 / ص598-599 / حديث2.

58- الهدنة: السكون والصلح، شافع مشفع: مقبول الشفاعة، ما حل: ساع، أنيق: حسن ومعجب له نجوم وعلى نجوه نجوم: أي آيات تدل على أحكام الله تهتدي بها وفيه آيات تدل عليها وتوضحها، العطب: الهلاك/ النشب: الأمر الذي لا مخلص منه، التربص: الانتظار.

59- سورة المائدة / 3.

60- سورة المائدة / 67.

61- ينابيع المودة -الشيخ سليمان القندوزي- ج1 / ص142 / ط1 س1997 الأعلمي، بيروت.