عليٌّ (ع) هو مَن عندَه علمُ الكتاب

المسألة:

قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾(1).

 

هل هناك رأيٌ أو قراءة تقول بأنَّ حرف "مَن" في الآية تُقرأُ بالكسر؟ فيكون معنى الآية أنَّ علم الكتاب من الله، ولا تدلُّ على شخصيَّةٍ أخرى شاهدة؟

 

الجواب:

ذكر الشَّيخ الطبرسي في مجمع البيان أنَّ قراءة ﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾، بكسر الميم في "من" رُويت عن ابن عباس ومجاهد وكذلك سعيد بن جبير(2) وروى السّيوطي في الدرِّ المنثور روايةً وصفها بالضعف عن ابن عمر ذكر فيها أنَّ النَّبي (ص) قرأها بالكسر(3) إلا أنَّ هذه القراءة شاذَّة، ولا يُعَوَّل عليها من قِبَل الفَريقين(4).

 

وقد ورد في الرّوايات المتظافرة الواردة عن أهل البيت (ﻉ) أن مَن عنده علم الكتاب هو عليُّ بن أبي طالب (ع) وكذلك الأئمةُ المعصومون بعده.

 

منها: ما رواه في بصائر الدَّرجات عن أبي جعفر (ع) في قوله تعالى: ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾، ومن عنده علم الكتاب قال (ع): "عليُّ بن أبي طالب عنده علمُ الكتاب"(5).

 

ومنها: ما رواه الشيخ الكليني في الكافي بسنده عن بُريد بن معاوية قال: "قلتُ لأبي جعفر (ع): ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾"، قال (ع): "إيَّانا عنا، وعليٌّ أولُنا وأفضلُنا وخيرنا بعد رسولِ الله (ص)"(6).

 

ومنها: ما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي بسنده إلى أبي سعيد الخدري .. قال: فقلتُ: "يا رسول الله فقولُ الله عز وجل ﴿قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾"، قال (ص): "ذاك أخي عليُّ بن أبي طالب"(7).

 

وأفاد الشيخ جعفر كاشف الغطاء أنَّ الثعلبي من علماء العامَّة روى في تفسيره بطريقين أنَّ مَن عنده علم الكتاب هو عليُّ بن أبي طالب (ع)(8).

 

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة الرعد / 43.

2- التبيان -الشيخ الطوسي- ج6 / ص267.

3- الدر المنثور -جلال الدين السيوطي- وقال أيضًا تمَّام وابن مردويه عن عمر ح4 / ص69.

4- تفسير نور الثقلين -الشيخ الحويزي- ج2 / ص521، معاني القرآن -النحاس- ج3 / ص508، تفسير القرطبي -القرطبي- ج9 / ص336، تفسير ابن كثير -ابن كثير- ج2 / ص540.

5- بصائر الدرجات -محمد بن الحسن الصفار- ص233 هذا وقد أخرج في كتابه ما يزيد على العشرين رواية بهذا المضمون تحت عنوان باب مما عند الائمة من اسم الله الاعظم وعلم الكتاب ص232.

6- الكافي -الشيخ الكليني- ج1 / ص299، الخرائج والجرائح -قطب الدين الراوندي- ج2 / ص799، الطبرسي في تفسير مجمع البيان - ج6 / ص54.

7- الأمالي -الشيخ الصدوق- ص659، وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج27 / ص188 / باب 13 من أبواب صفات القاضي / ح33، شواهد التنزيل -الحاكم الحسكاني- ج1 / ص400.

8- كشف الغطاء (ط.ق) -الشيخ جعفر كاشف الغطاء- ج1 / ص10، تفسير الثعلبي -الثعلبي- ج5 / ص302، وأخرج الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ستَّ روايات مفادها انَّ علي بن أبي طالب هو من عنده علم الكتاب ورد في أحدها بعد نقل سنده اليها عن ابي صالح في قول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ قال: (رجل من قريش هو عليٌّ ولكنا لا نسميه) ج1 / ص400.