﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ﴾

قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾(1)

 

ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير معنى الآية السابقة من سورة الزمر نوجزها في ما يلي:

 

علي هو القانت آناء الليل:

جاء في موسوعة بحار الأنوار للعلامة المجلسي (رحمه الله)(2):

تفسير علي بن إبراهيم: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) ﴿وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ .. ﴿قُلْ﴾ يا محمد: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ يعني أولي العقول(3).

 

سبب نزول الآية:

الكافي:

بإسناده عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ﴾.

 

قال: نزلت في أبي الفصيل، وذلك أنه كان عنده أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ساحر وإذا مسه الضر يعني السقم دعا ربه منيبا إليه يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله: ساحر فإذا خوله نعمة منه يعني العافية نسي ما كان يدعو إليه من قبل يعني التوبة(4) مما كان يقول في رسول الله بأنه ساحر، ولذلك قال الله عز وجل: ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ يعني بإمرتك على الناس بغير حق من الله ورسوله.

 

ثم قال(5) أبو عبد الله (عليه السلام): ثم إن الله عطف القول على علي (عليه السلام) يخبر بحاله وفضله عنده، فقال: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ﴾ محمدا رسول الله ﴿وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ أن محمدا رسول الله بل يقولون إنه ساحر كذاب ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ وهم شيعتنا.

 

ثم قال(6) أبو عبد الله (عليه السلام): هذا تأويله يا عمار(7). كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: الحسن بن أبي الحسن الديلمي بإسناده عن عمار مثله(8).

 

وورد في حلية الأبرار للسيد هاشم البحراني (قدس سره)(9):

محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي(10) قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ﴾(11) قال: نزلت في أبى الفصيل انه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنده ساحرا وكان إذا مسه الضر يعنى السقم دعا ربه منيبا إليه(12) من قوله في رسوله الله (صلى الله عليه وآله) ما يقول. ﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً﴾ يعنى العافية، ﴿نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ﴾ يعنى نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): انه ساحر، ولذلك قال الله عز وجل: ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾(13) يعنى أمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله (صلى الله عليه وآله).

 

قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): "ثم عطف القول من الله عز وجل في علي (عليه السلام) يخبر بحاله وفضله عند الله تارك وتعالى: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ﴾ أي محمد رسول الله (ص) .."(14).

 

ورد في كتاب الأمالي للشيخ الصدوق (رحمه الله)(15):

عن أنس بن مالك يقول، نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب (عليه السلام): ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾(16).

 

قال الرجل: فأتيت عليا (عليه السلام) لأنظر إلى عبادته، فأشهد بالله لقد أتيته وقت المغرب فوجدته يصلي بأصحابه المغرب، فلما فرغ منها جلس في التعقيب إلى أن قام إلى عشاء الآخرة، ثم دخل منزله فدخلت معه، فوجدته طول الليل يصلي ويقرأ القرآن إلى أن طلع الفجر، ثم جدد وضوءه وخرج إلى المسجد وصلى بالناس صلاة الفجر، ثم جلس في التعقيب إلى أن طلعت الشمس، ثم قصده الناس فجعل يختصم إليه رجلان، فإذا فرغا قام آخران، إلى أن قام إلى صلاة الظهر، قال: فجدد لصلاة الظهر وضوءه، ثم صلى بأصحابه الظهر، ثم قعد في التعقيب إلى أن صلى بهم العصر، ثم أتاه الناس، فجعل يقوم رجلان ويقعد آخران، يقضي بينهم ويفتيهم إلى أن غابت الشمس، فخرجت وأنا أقول: أشهد بالله أن هذه الآية نزلت فيه(17).

 


1- سورة الزمر / 9.

2- ج35 / ص375.

3- تفسير القمي ص575.

4- في المصدر: يعنى نسي التوبة إلى الله عز وجل اهـ.

5- في المصدر: قال: ثم قال اهـ.

6- في المصدر: قال: ثم قال اهـ.

7- روضة الكافي ص204 و205.

8- مخطوط.

9- ج2 / ص174-175.

10- عمار الساباطي: بن موسى أبو اليقظان الكوفي من أصحاب الصادق (عليه السلام).

11- سورة الزمر / 8.

12- في المصدر: منيبا إليه يعنى تائبا إليه.

13- سورة الزمر / 8.

14- سورة الزمر / 9.

15- ص356-357.

16- سورة الزمر / 9.

17- بحار الأنوار 41: 13 / 3.