الدرس الثالث والعشرون

 

.: الابتداء :.

 

الابتداء بحاجة إلى تمعّن أكثر مِنَ الوقف، فقد يكون الوقف اضطراريًّا غير اختياري، لكنَّ الابتداء يكون دائمًا اختياريًّا، لذلك لا يمكن أنْ نتسامح في ابتداء قبيح نحو الابتداء بـ: ﴿إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾ مِن ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾المائدة/73، ففي ابتدائك هذا أثبتَّ أنَّ الله هو ثالث الثلاثة ? أعوذ بالله ?.

 

وقفة تأمّل:

لنتفحَّص الآية الكريمة مِن سورة الرعد الآتية: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. فلو افترضنا أنَّ القارئ قرأ على النحو التالي: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا﴾ فوقف، ثمَّ قرأُ ما بعدها: ﴿زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، باعتبار أنَّ الجملة الأولى منتهية، وابتدأت جملة جديدة(1)، فيا ترى هل يستقيم المعنى الذي توضِّحه علامات الوقف الموضوعة مع الاجتهاد الشخصي مِن القارئ في وقفه وابتدائه؟!

 

على ضَوء إجابتك سوف تعرف أنَّ موضوع الوقف والابتداء موضوع يعتمدُ بالدَّرجة الأولى على التَّفسير ثمَّ بعد ذلك معوَّل على اللغة وإلى غير ذلك، فإذا لم تجد أنَّ هناك علامة للوقف عند قراءتك، عندها تجتهد فقف عند الّذي تراه مناسبًا، بحسب درايتك ودراستك لهذا الموضوع، لذلك فإنّه يلزم على القارئ أن يتقيَّد بعلامات الوقف الموضوعة في المصحف قدر الإمكان، وإذا لم يكن بالمستطاع فعليه أنْ يختار الوقف الحسن (غير الجائز) ويلتزم بحكمه.


(1) دون النظر إلى الإعراب وعلاماته، فالتقييم حسب تركيب الجملة فحسب.