الدرس العشرون

 

.: الإدغام (1) :.

 

إنّ باب الإدغام يرتبط ارتباطًا وثيقًا بثقل تتابع حرفين من نفس المخرج أو من مخرجَين مقاربين، ويعتبر الإدغام هو واحد من أساليب التخفيف في اللغة العربيّة، وهو من المواضيع الهامّة في التجويد.

 

تعريف الإدغام:

لغة: هو إدخال الشَّيْء في الشَّيْء، واصطلاحًا: هو التقاء حرف ساكن بحرف متحرِّك بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشدَّدًا من جنس الثَّاني، يرتفع به اللِّسان ارتفاعة (مرّة) واحدة.

 

شرط الإدغام:

شرطه يتّضح مِنَ التعريف، وهو أن يكون الحرف الأوّل (المدغَم) ساكنًا، والحرف الثاني (المدغَم فيه) متحرّكًا.

 

أقسام الإدغام:

يمكن تقسيم الإدغام إلى ثلاثة أقسام من حيث حركة المدغم (الحرف الأوّل) والمدغم فيه (الحرف الثاني) كما يأتي:

 

1- إدغام صغير: وهو أن يكون المدغَم ساكنًا، والمدغَم فيه متحرِّكًا. وسمِّيَ صغيرًا لأنَّ الجهد المبذول في عمليَّة الإدغام صغير، بمعنى أنَّ الحرف الأوَّل ساكن مهيَّء للإدغام، مثل إدغام العين في العين مِن قوله تعالى: ﴿تَسْطِع عَّلَيْهِ﴾.

 

2- إدغام كبير: وهو أن يكون المدغَم متحرِّكًا، والمدغم فيه متحرِّكًا. وسمِّيَ كبيرًا لأنَّ عمليَّة الإدغام في هذا النوع تستهلك جهدًا كبيرًا، حيث أنَّه يلزم تسكين المدغَم أوّلاً حتَّى يستوفي شرط الإدغام ثمَّ تتمُّ عمليَّة إدغامه. مثل إدغام اللام في اللام مِن قوله تعالى: ﴿جَعَلَ لَكُمُ﴾ فأوَّل عملٍ نقوم به هو إسكان اللاَّم ثمَّ الإدغام فتصبح قراءتها (جَعَلَّكُم).

 

3- إدغام مطلق: وهو أن يكون المدغَم متحرِّكًا، والمدغَم فيه ساكنًا. ومثال ذلك:﴿إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ﴾ فواضح أنَّ السين الأولى متحرِّكة والثانية ساكنة (بعد حذف الهمزة الوصليَّة في الدرْج). وسمِّيَ مطلقًا على اعتبار أنَّه لا يمكن نسبته إلى الإدغام الكبير أوِ الصغير، علاوة على أنَّ جميع القرّاء اتِّفقوا على امتناع هذا القسم مِن الإدغام.

 

والإدغام في رواية حفص عن عاصم هو الصَّغير لا غير(1).

 

أنواع الإدغام:

الإدغام مِنْ حيث بقاء صفة المدغَم في المدغَم فيه نوعان:

 

1- إدغام تامُّ: وهو إدراج الحرف الأوّل في الحرف الثاني مخرجًا وصفة، أو هو عدم إبقاء صفة المُدغَم في المدغَم فيه. ويعرف هذا النوع مِن الإدغام في رسم المصحف عن طريق تشديد الحرف المدغم فيه، وخلوّ المدغم مِن الحركة، مثل إدغام حرف (ل) في الحرف (ر) في: ﴿بَل رَّفَعَهُ﴾.

 

2- إدغام ناقص: وهو إدارج الحرف الأوّل في الثاني مخرجًا لا صفة، أو هو أنْ تبقى صفة المدغَم في المدغَم فيه، وهذه الصِّفة الباقية لا تكون إلاَّ صفة إطباقٍ مثل: ﴿فَرَّطتُ﴾، أو استعلاءٍ مثل: ﴿نَخْلُقكُّم﴾، أو غنَّة مثل: ﴿مَن يَقُولُ﴾. وسيأتي الحديث عمَّا يدور في المثالين الأخيرين بالتفصيل في الدرس العشرين -إنْ شاء الله-.

 

أمَّا إذا كانت صفات أخرى كالتَّفشي، وعدم تقبُّل المدغم فيه لتلك الصفة هو الذي منع مِن بقائها.

 

ويعرَف الإدغام الناقص رسمًا عن طريق خلوّ الحرف المدغم مِن الحركة وتخفيف الحرف الثاني (خلوّه مِن التشديد) مثل إدغام حرف (ط) في الحرف (ت) مِن كلمة: ﴿بَسَطتَ﴾.  

(1)وجه الإشمام في (تَأْمَنَّا) أو وجه الرَّوم وهما من خصوصيات حفص، يقلِّل كَوْنه إدغامًا كبيرًا، والذي ذهب إلى اعتباره إدغامًا كبيرًا الكثيرُ من كتب التجويد.