سبب نزول الآية (30) من سورة الأنفال

﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾

سبب النزول

ذكر المفسّرون والمحدثون أن الآية - محل البحث - تشير إِلى الحوادث التي أدت إِلى هجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من مكّة إِلى المدينة.

هذه الحوادث وإن رويت بعبارات مختلفة إلاّ أنّها تتفق جميعاً على حقيقة أنّ الله عزّ وجلّ قد أنقذ نبيّه الكريم عن طريق الإِعجاز من خطر محدق به، ونروي هذه الحادثة وفقاً لمّا ورت في الدّر المنثور ومجمع البيان ذيل الآية آنفاً....

قال المفسّرون: إنّها نزلت في شأن "دار النّدوة" وذلك أنّ نفراً من قريش اجتمعوا فيها وهي دار قصيّ بن كلاب، وتآمروا في أمر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال عروة بن هشام: نتربص به ريب المنون، وقال أبوا البختري: أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه، وقال أبوجهل: ما هذا برأي، ولكن اُقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد... فيرضى بنو هاشم حينئذ بالديّة، فصوّب إبليس هذا الرأي، وكان قد جاءهم في صورة شيخ كبير من أهل نجد، وخطّأ الأولّين.

فاتفقوا على هذا الرأي وأعدّو الرجال والسلاح وجاء جبرئيل (عليه السلام) فأخبر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج إلى الغار وأمَر عليّاً فبات على فراشه، فلمّا أصبحوا وفتشوا عن الفراش، وجدوا عليّاً (عليه السلام) وقد ردّ الله مكرهم فقالوا: أين محمّد؟

فقال: لا أدري، فاقتصّوا أثره وأرسلوا في طلبه، فلمّا بلغوا الجبل ومرّوا بالغار رأوا على بابه نسجَ العنكبوت، فقالوا: لو كان ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاثاً ثمّ قدم المدينة" (1).


1- الدر المنثور وفقاً لما نقل عنه صاحب المنار، ومجمع البيان ذيل الآية.