سبب نزول الآيات (79-80) من سورة التوبة

 

﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ / اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾

 

سبب النزول

وردت عدّة روايات في سبب نزول هذه الآيات في كتب التّفسير والحديث، يستفاد من مجموعها أن النّبي (ص) كان قد صمّم على إِعداد جيش المسلمين لمقابلة العدو - وربّما كان ذلك في غزوة تبوك - وكان محتاجاً لمعونة الناس في هذا الأمر، فلما أخبرهم بذلك سارع الأغنياء إِلى بذل الكثير من أموالهم، سواء كان هذا البذل من باب الزكاة أو الإِنفاق، ووضعوا هذه الأموال تحت تصرف النّبي (ص).

 

أمّا الفقراء، كأبي عقيل الأنصاري أو سالم بن عمير الأنصاري، لما لم يجدوا ما ينفقونه لمساعدة جنود الإِسلام، فقد عمدوا إِلى مضاعفة عملهم، واستقاء الماء ليلا، فحصلوا على صاعين من التمر، فادخروا منه صاعاً لمعيشتهم ومعيشة أهليهم، وأتوا بالآخر إِلى النّبي (ص) وقدموه، وشاركوا بهذا الشيء اليسير - الذي لا قيمة له ظاهراً - في هذا المشروع الإِسلامي الكبير.

 

غير أنّ المنافقين الذين لا همّ لهم إلاّ تتبع ما يمكن التشهير به بدلا من التفكير بالمساهمة الجدية فإنّهم عابوا كلا الفريقين، أمّا الأغنياء فاتهموهم بأنّهم إِنّما ينفقون رياءً وسمعة، وأمّا الفقراء الذين لا يستطيعون إلاّ جهدهم، والذين قدموا اليسير وهو عند الله كثير، فإنهم سخروا منهم بأن جيش الإِسلام هل يحتاج إِلى هذا المقدار اليسير؟

 

فنزلت هذه الآيات، وهددتهم تهديداً شديداً وحذرتهم من عذاب الله.