سبب نزول الآيات (62-63-64) من سورة النور

﴿لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور/63} أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {النور/64}﴾

سبب النّزول

ذكرت عدة أسباب لنزول الآية الأُولى من الآيات أعلاه، فقد جاء في بعض الأحاديث أنّ هذه الآيه نزلت في "حنظلة بن أبي عياش" الذي صادف زواجه ليلة معركة أُحد، وكان الرّسول(ص) يشاور أصحابه حول هذه المعركة، فجاءه حنظلة يستأذنه المبيت عند زوجته، فأجازه(ص).

وقد بكّر حنظلة للإلتحاق بصفوف المسلمين، وكان على عجل من أمره بحيث لم يتمكن من الإغتسال. ودخل المعركة على هذه الحال، وقاتل حتى قتل في سبيل الله.

قال رسول الله(ص) فيه "رأيت الملائكة تغسل حنظلة بماء المزن في صحائف فضة بين السماء والأرض".

لهذا سمي حنظلة بعدها بـ "غسيل الملائكة"(1).

وذكر سبب آخر لنزول هذه الآية حيث "روى ابن إسحاق" في سبب نزول هذه الآيات أنّه لما سمع رسول الله(ص) بتجمع قريش والاحزاب على حربه - وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة. فعمل فيه رسول الله(ص) ترغيباً للمسلمين في الأجر، وعمل معه المسلمون فيه فدأب ودأبوا، وأبطأ عن رسول الله(ص) وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين لا ينجزون إلاّ اليسير من العمل، أو يتسللون إلى أهليهم بغير علم رسول(ص) ولا إذنه، وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لابدّ منها، يذكر ذلك لرسول الله(ص) ويسأله في اللحوق بحاجته فيأذن له.

فإذا قضى حاجته، رجع إلى ما كان فيه من عمله رغبة في الخير واحتساباً له، فأنزل الله تعالى في أُولئك المؤمنين (إنّما المؤمنون ...) الآية، ثمّ قال تعالى يعني المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ويذهبون بغير إذن من النّبي(ص): (ولا تجعلوا دعاء الرّسول بينكم ...) الآية(الثانية).


1- تفسير القرطبي، المجلد الثّاني عشر، ص 315 (وجاء في وسائل الشيعة المجلد السادس عشر، صفحة 436، الباب 24 من أبواب المائدة حديث بهذا المضمون).