سبب نزول الآية (106) من سورة إبراهيم

 

﴿مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

 

نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر (رحمه الله) أكرهه المشركون بمكة بأنواع العذاب، وقيل: إنهم غطوه في بئر ماء على أن يلفظ بالكفر وكان قلبه مطمئنا بالايمان، فجاز من ذلك، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم جزعا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان قلبك؟قال كان مطمئنا بالايمان، فأنزل الله فيه الآية. وأخبر ان الذين يكفرون بالله بعد ان كانوا مصدقين به بأن يرتدوا عن الاسلام " فعليهم غضب من الله " ثم استثنى من ذلك من كفر بلسانه، وكان مطمئن القلب بالايمان في باطنه، فإنه بخلافه. و " من كفر " رفع بما دل عليه خبر الثاني الذي هو قوله " ولكن من شرح بالكفر صدرا " كأنه قيل فعليه غضب من الله، كما تقول من يأتنا فمن يحسن نكرمه، فجواب الأول محذوف كفى فيه الثاني، وقال الزجاج " من كفر " رفع بأنه بدل من قوله " وأولئك هم الكافرون " وقال أبو علي: هذه معاريض يحسن من الله مثلها، ولا يحسن من الخلق إلا عند التقية، قال: إلا أن على أهل العقول أن يعلموا ان الله لم يفعل ذلك الا على ما يصح ويجوز، وليس ذلك للانسان الا في حال التقية، لأنه لا دليل يؤمن من الخطأ عليه، فعلى هذا يلزمه في النبي ان يحسن منه من غير تقية، لكونه معصوما لا يكذب في اخباره ولا خلاف بين أهل العدل أنه لا يجوز اظهار كلمة الكفر إلا مع التعريض بأن ينوي بقلبه ما يخرجه عن كونه كاذبا، فأما على وجه الاخبار، فلا يجوز أصلا لأنه قادر على التعريض الذي يخرج به عن كونه كاذبا.