سبب نزول الآية (96) من سورة البقرة

 

﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾

 

اجمع أهل التأويل على أن هذه الآية نزلت جوابا لليهود - حين زعموا أن جبريل عدو لهم، وان ميكال ولي لهم - لما أخبروا ان جبريل هو الذي نزل على محمد صلى الله عليه وآله - قالوا: جبريل عدو لنا، يأتي بالحرب والجدب.

 

وميكائيل يأتي بالسلام والخصب: فقال الله تعالى: " قل من كان عدوا لجبريل " إذ كان هو المنزل الكتاب عليه، فإنه إنما أنزله على قلبه بإذن الله، لا من تلقاء نفسه، وإنما انزل لما هو مصدق بين يديه من الكتب التي في أيديهم، لا مكذبا لها، وانه وإن كان فيما أنزل الامر في الحرب، والشدة على الكافرين. فإنه هدى وبشرى للمؤمنين.

 

وكان سبب نزول هذه الآية ما روي أن صوريا، وجماعة من يهود أهل فدك، لما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة سألوه، فقالوا: يا محمد كيف نومك، فقد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في اخر الزمان؟فقال: تنام عيناي وقلبي يقظان، فقالوا: صدقت يا محمد، فأخبرنا عن الولد يكون من الرجل أو من المرأة؟فقال: اما العظام والعصب والعروق، فمن الرجل، واما اللحم والدم والظفر والشعر: فمن المرأة.

 

قالوا: صدقت يا محمد، فما بال الولد يشبه أعمامه، ليس فيه من شبه أخواله شئ، أو يشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شئ؟فقال: أيهما علا ماؤه كان الشبه له، قالوا: صدقت يا محمد، فأخبرنا عن ربك ما هو؟فأنزل الله تعالى: " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " (1). فقال ابن صوريا: خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك، واتبعتك، اي ملك يأتيك بما ينزل الله لك، قال: جبريل. قالوا: ذلك عدونا ينزل بالقتال والشدة والحرب، وميكائيل ينزل باليسر والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك: آمنا بك. فأنزل الله عز وجل هذه الآية.

 

 


1- سورة الاخلاص بأجمعها.