بلعم بن باعورا

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

من هو المقصود بقوله تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ / وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إلى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث﴾(1)؟.

 

الجواب:

ورد في العديد من الروايات الواردة من طرقِنا وطرق العامَّة أنَّ المضروب مثلاً في الآيتين الشريفتين هو رجلٌ يُقال له "بلْعم بن باعورا" وهو رجلٌ قيل إنَّه من بني إسرائيل، وورد أنَّه كان في زمان نبيِّ الله موسى (ع) وكان قد أُوتيَ علماً ومعرفة بآياتِ الله تعالى وحُججِه وبراهينِه، بل ورد أنَّه كان قد أُوتيَ شيئاً من الاسم الأعظم فكان يدعو به فيُستجابُ له إلا أنَّه انحرف -رغم علمِه- عن خطِّ الله تعالى وجحدَ بآياته، فمثله كمثل الكلب، فكما أنَّ الكلب يظلُّ يلهثُ حتى وإنْ لم يكن مجهوداً ومطارداً فكذلك هو شأنُ العالم الجاحد المُنحرف عن خطِّ الله تعالى، فهو حين جهله كان جاحداً ومؤثِراً لهواه، وهو بعد منحِه العلم ظلَّ جاحداً بآيات الله تعالى ومؤثِراً لهواه أو عاد إلى الجحود وتحكيم الهوى على الهدى، فلم يحجزه العلم عن الزيغ والضلال.

 

فبلعمُ بنُ باعورا ضُرب مثلاً لكلَّ مَن كان عالماً إلا أنَّه لم ينتفعْ بعلمِه في الثبات على الهدى والرشاد في معتقده وسلوكه.

 

لذلك ورد عن الإمام الباقر (ع): "مشيراً إلى آية ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا ..﴾ أنَّ الأصل في ذلك بلْعم ثم ضَربه الله مثلاً لكلَّ مُؤثِرٍ هواهُ على هدى الله من أهلِ القِبلة"(2).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة الأعراف / 175-176.

2- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج13 / ص380.