قوله تعالى: ﴿نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

ما المرادُ من الإيمان في قوله تعالى: ﴿نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾(1)؟

 

الجواب:

المراد من الإيمان في قوله تعالى: ﴿نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ هو التصديقُ، فقولُه تعالى: ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أي يُصدِّقون.

 

والمعنيُّون بهذا الوصف في الآية المباركة هم المسلمون، فهم الذين يُصدِّقون النبيَّ (ص) فيما يُخبرُهم به عن الله عزَّ وجل.

 

والمعنى الإجماليُّ للآيةِ المباركة هو أنَّ الله عزَّ وجل يُخاطِب نبيَّه (ص) بأنَّه سيتلو عليه آياتٍ فيها بعضُ ما وقع لموسى مع فرعون، وذلك من أجلِ أنْ ينتفعَ المؤمنون بما تُوحيه هذه الأنباء من عِبرٍ ومواعظ.

 

مناشئ تخصيص النفع من التلاوة بالمؤمنين:

ومنشأ تخصيص -الآية المباركة- النفعَ بالذين آمنوا هو أنَّ الانتفاع بما تُوحيه قصصُ الأنبياء من مواعظ وعِبَرٍ فرع التصديقِ بوقوع هذه القصص، وحيثُ إنَّ الكافرين غير مصدِّقين بوقوعها بالنحو الذي يُخبرُ عنه القرآنُ والنبيُّ الكريم (ص) لذلك فهم لا ينتفعون بها.

 

أو أنَّ منشأ التنويه على انتفاع المؤمنين دون غيرهم هو أنَّهم ونظراً لتصديقِهم يكونون أكثرَ انتفاعاً بمضامين هذه الآيات من غيرِهم، فغيرُهم لا يعبأون كثيراً بما تُنبأ عنه الآياتُ من تاريخ الأنبياء والأُمم.

 

ولعلَّ منشأ التنويه على انتفاع المؤمنين دون غيرِهم من الكافرين هو أنَّ الآية كانت في مقام التسلية للمؤمنين الذين آمنوا بالرسول (ص) في صدر الدعوة، فقد مارَسَ المتنفِّذون من مشركي قريش معهم مختلفَ أنواع الظلم والتعسُّف فجاءت هذه الآياتُ لتنبئهم أنَّ سُنَّة الله ِعزَّ وجل في عباده هي أنْ ينتصرَ للمستضعفين ويجعلَ منهم أئمةً ويجعلَهم الوارثين لأرضه كما وقع ذلك لموسى (ع) ومَن معه مِن بني إسرائيل، فقد انتصر اللهُ تعالى لهم فأهلَكَ فرعونَ وجنودَه وأورثَهم أرضَهم وديارهم.

 

ففي مضامين هذه الآيات تسليةٌ للمؤمنين ورفع لمعنوياتهم، وهذا هو معنى: ﴿نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾.

 

والحمدُ لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة القصص / 3.