صلاة المسافر

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا﴾(1).

 


1- سورة النساء / 101.

﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ﴾ أى سافرتم ﴿فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ﴾ أى شأنهم أن يكونوا لكم ﴿عَدُوًّا مُّبِينًا﴾.

ثم تتعرض الاية لبيان هذه الصلاة صلاة الخوف وكيفية تخفيفها، فقال: ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ﴾ إلى آخر الاية التى نبحث عنها في موضعها.

ثم قال: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ﴾ أى إذا أردتم أن تقضوا وتؤدوا هذه الصلاة صلاة الخوف بأنفسكم فرادى من دون جماعة وهو ما اذا كنتم في حال لا يمكنكم الاجتماع والتؤدة ﴿فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ أى فلا يجب عليكم أن تأتوا بالصلاة على الكيفية المخصوصة ولا أن تنزلوا عن مراكبكم، بل اذكروا الله وتوجهوا اليه على أى حالة مع حالات الخوف كنتم قائمين في مقابلهم، أو قاعدين للرصد أو الاستراحة، أو مضطجعين مختفين، فاذكروا الله وحده من دون ركوع وسجود فان ذكركم هذه يتقبل عوضا عن صلاتكم المعهودة بل هو الوظيفة في هذا الظرف ﴿فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ﴾ أى حتى إذا اطمأننتم من العدو، وارتفع حالة الخوف من الافتتان ﴿فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ﴾ كما علمكم الله فوزان هذه الاية وزان قوله تعالى في سورة البقرة / 239: ﴿فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾.

كل هذا لان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا أى مكتوبا عليهم كالدين في أوقاتها كلما حل وقت يجب أداء ما افترض وكتب، لا يسقط في حال من الاحوال، حتى في حال الخوف من العدو أن يفتنكم، لكنها مقتصرة، ولو مضى وقت أدائها وجب قضاؤها خارج الوقت ولو انقضى أجلكم وجب على وليكم الذى يقضى ديونكم من أموالكم أن يقضى هذا الدين عنكم، فانها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (بحار الأنوار ج79 / ص313).