﴿أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ .. وليس من فضلهما؟

المسألة:

قوله تعالى من سورة التوبة: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾(1) هل كان من الممكن أن يقول فضلهما، فلماذا قال: من فضله؟، والهاء هل هي عائدة على الله تعالى أو هي عائدة على الرسول (ص)؟

 

الجواب:

الضمير في قوله تعالى: ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ من فضله عائدٌ على اللهِ جلَّ وعلا، والتقدير هو وما نقموا إلا أنْ أغناهم الله من فضلِه وأغناهم رسولُه من فضلِه، ويصحُّ لغة تثنية الضمير ليعود على الله تعالى وسوله (ص) إلا انَّ عدم تثنية الضمير هو المناسب لكمال الأدب والتعظيم لله تعالى، إذ أنَّ الجمع بين اسم الله تعالى واسم غيره في ضميرٍ واحدٍ منافٍ لكمالِ الأدب والتعظيم لله جلَّ وعلا، ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾(2) ولم يقل يرضوهما لذاتِ السبب.

 

وقد ورد انَّ رجلاً قام خطيباً بين يدي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: "من يطعِ الله ورسوله فقد رشُد، ومَن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله (ص) بئس الخطيبُ أنت قل: ومَن يعصِ الله ورسولَه فقد غوى"(3). فالنبيُّ الكريم (ص) -بحسب الرواية- ذمَّ قولَ الخطيب لأنَّه جمع بين اسم الله تعالى واسمِه (ص) في ضميرٍ واحد.

 

وذُكر منشأٌ آخر لعدم تثنية الضمير في الآية وهو انَّه إنما خَصَّت الآيةُ عودَ الضمير بالله تعالى لأنَّ فضلَ رسولِ الله (ص) يرجعُ في المآل إلى فضلِ الله تعالى.

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة التوبة / 74.

2- سورة التوبة / 62.

3- صحيح مسلم ج3 / ص12.