آيةُ التعدُّد وزمنُ تشريعِه

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

في أيِّ سنةٍ نزلت آية التعدُّد من سورة النساء؟ وهل كان هنالك تعدُّدٌ في الإسلام قبل نزول هذه الآية؟

 

الجواب:

آية التعدُّد وهي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ..﴾(1) وردت في سورة النساء، وسورةُ النساء -كما هو المشهور- مدنيَّة بأكملها، أو أنَّها مدنيَّة باستثناء قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا ..﴾(2) وسورةُ النساء -كما قيل- من أوائل السور التي نزلت في المدينة المنورة.

 

وأمَّا تشريعُ التعدُّد في الزواج فلم يكن من تأسيس الإسلام، بل كان التعدُّد من الظواهر المتأصِّلة في المجتمع العربي قبل الإسلام بل هو كذلك -ظاهراً- في المجتمعات غير العربيَّة، وحينما جاء الإسلام أقرَّ هذه الظاهرة بعد تهذيبها، فلم يكن التعدُّد محدَّداً في عددٍ معين، فكان الرجل يتزوَّجُ بما أُتيح له من النساء، فجاء الإسلام وضبطَ العدد في أربع، ومنعَ من الجمع بين أكثر من أربع نساء، وأمَرَ كلَّ مَن كانت تحته أكثر من هذا العدد أن يُسرَّح ما زاد على الأربع.

 

ويشهد لذلك ما أورده الشيخ الطوسي في الخلاف قال: "وأسلم نوفل بن معاوية وتحته خمس . فأمره النبيُّ - صلَّى الله عليه وآله - أن يفارق واحدة منهن" (3) وما روته العامَّة عن ابن عمر قال: أسلم غيلان الثقفي وعنده عشر نسوة فقال رسولُ الله (ص): "أمسِك أربعاً وفارق سائرهن"(4).

 

وكذلك ما روتْه عن الحارث بن قيس بن عميرة قال: "أسلمتُ وعندي ثمان نسوة وأسلمنَ معي وهاجرنَ معي فقال: اختر أربعاً"(5). 

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة النساء / 3.

2- سورة النساء / 58.

3- الخلاف - الطوسي- ج4 / 294.

4- صحيح ابن حبان -ابن حبان- ج9 / ص465.

5- المعجم الكبير -الطبراني- ج18 / ص359.