سورةُ البقرة سَنامُ القرآن ولبابُه الحواميم

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

سورة البقرة هي سَنامُ القرآن والحواميمُ هي لبابُ القرآن. فما معنى كلٍّ من سَنامِ القرآن ولبابِ القرآن؟

الجواب:

توصيف سورة البقرة بأنَّها سنام القرآن ورد في أكثر من حديثٍ عن النبيِّ (ص) ولكن من غيرِ طرقِنا.

فمِن ذلك ما رُوي عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله (ص): "لكلِّ شئٍ سَنام وإنَّ سَنامَ القرآن سورةُ البقرة"(1).

ورُوي عن معقل بن يَسار أنَّ رسول الله (ص) قال: "البقرةُ سَنام القرآن وذروتُه نزل مع كلِّ آيةٍ منها ثمانون مَلَكاً واستُخرجت ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ من تحت العرش فوُصلتْ بها أو فوُصلتْ بسورةِ البقرة"(2).

والمرادُ من أنَّ سورة البقرة سَنام القرآن هو أنَّها أشرفُ ما في القرآن وأعلى ما فيه شأناً، وشُبِّهت بالسَنام لذلك، فكما أنَّ سَنام البعير هو أعلى شيءٍ فيه فكذلك سورةُ البقرة هي أعلى ما في القرآن شرفاً وشأناً.

ولو صحَّ ذلك فلعلَّه نشأ عن أنَّها أطولُ سورِ القرآن، ولذلك فقد احتوت على الكثير من المعارف الدينيَّة والتشريعات التي خلت منها العديدُ من السورِ الأخرى، هذا مضافاً إلى اشتمالها على آيةِ الكرسي التي هي من أفضل آياتِ القرآن إنْ لم تكن أفضلها على الإطلاق. 

وأما توصيف الحواميم بلُباب القرآن فقد ورد ذلك عن ابن عباس قال: "إنَّ لكلِّ شيءٍ لُباباً وإنَّ لُباب القرآن الحواميم"(3)، وورد ذلك عن عبد الله بن مسعود -وكلاهما لم يُسنده إلى الرسول الكريم (ص) ورد عنه كما في المصنف وسنن الدارمي أنَّ الموصوف بلباب القرآن هي سور المفصَّل- قال: "لكل شئ لباب وإن لباب القرآن المفصل"(4).

والمفصَّل من السور تبدأ من سورة (ق) إلى نهاية المصحف، وقيل تبدأ من سورة الحجرات إلى آخر المصحف الشريف، وسمِّيت -كما قيل بالمفصَّل- لكثرة الفواصل فيها، وهي مصنَّفة إلى طوال وأواسط وقصار، فالطوال من المفصَّل تبدأ بـ (ق) أو الحجرات إلى سورة البروج، وقيل النازعات، ومنها تبدأ الأواسط إلى سورة البيِّنة والقصار منها إلى آخر المصحف وقيل تبدأ الأواسط من سورة عبس إلى الضحى والقصار منها إلى آخر المصحف.

وكيف كان فالمرادُ من اللُباب لغةً هو الخالص من كلِّ شيءٍ، ولعلَّ توصيف الحواميم أو المفصَّل بلُباب القرآن كان لغرض التعبير عن اشتمالها على خُلاصة المعارف القرآنيَّة.

والحمد لله رب العالمين

الشيخ محمد صنقور


1- سنن الترمذي -الترمذي- ج4 / ص232.

2- مسند احمد -الإمام احمد بن حنبل- ج5 / ص26.

3- الدر المنثور في التفسير بالمأثور -جلال الدين السيوطي- ج5 / ص344.

4- المصنف -ابن أبي شيبة- ج7 / ص204، سنن الدارمي -عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي- ج2 / ص447.