اليهود هم مَن سعوا في قتل المسيح (ع)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

المسألة:

هل صحيح انَّ اليهود لم يقوموا بمحاولة قتل سيدنا عيسى بن مريم (ع) بل انَّ مَن حاول قتله هم الرومان باعتبارهم كانوا أصحاب القرار والتنفيذ في ذلك الوقت .. هل يُوجد دليلٌ إسلامي في القرآن والسنَّة والتأريخ يؤيِّد تلك الحادثة؟

 

الجواب:

لا ريب عندنا نحن المسلمين انَّ الذي حاول قتل السيِّد المسيح (ع) هم اليهود، وذلك لصريح القرآن وما ورد في السنَّة الشريفة عن الرسول الكريم (ص) وأهل بيته (ﻉ).

 

الدليل من القرآن الكريم:

أمَّا ما ورد في القرآن فقولُه تعالى في سورة النساء: ﴿يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا / وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا / فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً / وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا / وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا﴾(1).

 

فقوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾ صريح في انَّ مَن سعى لقتل السيِّد المسيح فقتلوا شبيهاً له وصلبوه هم اليهود، إذ انَّ الآيات بصدد تعداد العظائم التي ارتكبتها اليهود فهم الذين قالوا أرنا اللهَ جهرة، وهم الذين اعتدوا في السبت. وهم الذين اتَّهموا مريم بهتاناً بالفجور.

 

الدليل من السنَّة الشريفة:

وأمَّا ما ورد في السنَّة الشريفة فرواياتٌ كثيرة:

 

منها: ما رواه عليُّ بن إبراهيم في تفسير القمِّي بسنده عن أبي جعفر (ع) قال: ".. إنَّ اليهود جاءت في طلب عيسى من ليلتِهم .. وأخذوا الشاب الذي اُلقي عليه شبهُ عيسى فقُتل وصُلب .."(2).

 

ومنها: ما رواه الصدوق بسنده عن جعفر عن آبائه عن النبيِّ (ص) قال: "لمَّا اجتمعت اليهود على عيسى ليقتلوه بزعمهم أتاه جبرئيل فغشَّاه بجناحه .."(3).

 

ومنها: ما روي عن ابن عباس: ".. إنَّ عيسى (ع) استقبل رهْطاً من اليهود وقالوا: الفاجر بن الفاجرة والفاعل بن الفاعلة، فقذفوه وأُمَّه، فلمَّا سمع عيسى ذلك دعا عليهم فاستجاب اللهُ دعاءه ومسخَ الذين سبُّوه وسبُّوا أُمَّه خنازير .. فاجتمعت كلمةُ اليهود على قتل عيسى (ع) فاجتمعوا عليه وجعلوا يسألونَه، فقال لهم: كفرتُم وإنَّ الله يبعضُكم فغضبوا من مقالته غضباً شديداً وثاروا إليه ليقتلوه فبعث اللهُ تعالى جبرئيل .."(4).

 

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة النساء / 153-157.

2- تفسير القمي -علي بن إبراهيم القمي- ج1 / ص103.

3- بحار الأنوار -العلامة المجلسي- ج14 / ص338، قصص الأنبياء -قطب الدين الراوندي- ص13.

4- تفسير الثعلبي -الثعلبي- ج3 / ص409، تفسير البغوي -البغوي- ج1 / ص307.