هل يبعثُ الله نبيين لبلدٍ واحد؟

المسألة:

نعلم انَّ الله عزَّ وجلَّ أرسلَ الرسل والأنبياء إلى الناس جميعاً ليبلغوا رسالتهم التي كلفهم اللهُ بها، فكيف يكون هناك نبيَّان في زمانٍ واحد مثل إرسال نبيِّ الله يعقوب (ع) ويوسف (ع) وإرسال النبيِّ زكريا (ع) ويحيى (ع) وعيسى (ع) في نفس العصر بعكس ما كان في زمن النبيِّ ادم (ع) حيثُ لم يكن هناك نبيٌّ معه وكذلك غيره من الأنبياء؟

 

الجواب:

قد تقتضي العناية الإلهيَّة بعث نبيين أو أكثر في زمانٍ واحد ولبلدٍ أو قبيلةٍ واحدة كما أفاد القرآن في سورة يس: ﴿إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ﴾(1). 

 

وقد يبعثُ اللهُ نبياً إلى قوم ويكون ثمة نبيٌّ آخر مبعوثاً إلى آخرين أو إلى عموم الناس فتكون نبوَّة أحدِهما خاصَّة ونبوَّة الآخر عامَّة كما كان ذلك لنبيِّ الله إبراهيم (ع) الذي هو من أنبياء أُولي العزم، وكانت نبوَّته وإمامتُه عامَّة وكان نبيُّ الله لوط (ع) مبعوثاً في زمنه للقرية التي كانت تعمل الخبائث.

 

والذي يدلُّ على انَّ لوطًا (ع) كان مبعوثًا في زمن ابراهيم الخليل (ع) هو ما ورد في القرآن من أنَّ الملائكة قد هبطت على ابراهيم قبل هلاك قومِ لوط (ع) وأخبرتْه بأنَّ الله تعالى قد قضى باهلاكِهم وانَّهم أُرسلوا لذلك وانَّ نزولَهم عليه قبل انفاذ امرِ الله تعالى في قومِ لوط كان لإخباره بذلك ولمآربَ أُخرى أشارت اليها الآيات.

 

قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ .. قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ .. فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ / إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ / يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ / وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾(2).

 

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة يس / 14.

2- سورة هود / 69-77.