معنى قوله تعالى: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ﴾

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

المسألة:

قوله تعالى: ﴿فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ﴾(1) أليس قولُه: ﴿مِن فَوْقِهِمْ﴾(2) من تحصيل الحاصل إذ أنَّ سقوط السقف لا يكون إلا مِن فوق؟

الجواب:

قولُه ﴿مِن فَوْقِهِمْ﴾ ليس من تحصيل الحاصل:

إنَّ التعبير بقوله: ﴿مِن فَوْقِهِمْ﴾ ليس من تحصيل الحاصل بل لذكر هذه الفقرة فائدةٌ لا تحصل دون ذكرها، فهي قد سِيقت ظاهرًا لغرض التأكيد، وهو أمرٌ قد يتعلَّق قصدُ العقلاء وأهلُ الخطاب ببيانِه فيُقال مثلاً: "مشى زيد إلى السلطان برجله" والحال أنَّ المشي لا يكون إلا بالرجل، فهذا التعبير أُريد منه نفي احتمال أنَّ المشي كان بمعنى بعث من يُمثِّله للسلطان.

وكذلك يقال: "سمعتُك بأذنيّ" والحال أنَّ السمع لا يكون إلا بجارحة الأذن، وإنَّما جيء بلفظ الأذن للتأكيد وأنَّ السماع لمقال المخاطَب لم يكن بالواسطة.

فقوله تعالى: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ﴾ تعبيرٌ عن أنَّ السقف قد سقط عليهم، وذلك في مقابل احتمال إرادة أنَّ بناءَهم قد سقط أي أنَّهم قد خسروا بنيانَهم كما يقال: "قد وقعت علينا الدابَّة في الطريق" أي أنَّها ماتت أو عجزت فخسرناها.

وبتعبيرٍ آخر: إنَّ المراد من قوله ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ﴾ أنَّه قد سقط عليهم حال كونِهم تحته، فلا مخرج حينئذٍ لهم، وذلك في مقابل قول القائل انهدمت عليَّ داري ويقصد من ذلك أنَّها خربت وضاعت عليه، ولا يقصدُ أنَّ أحجارها وسقوفها قد تناثرت عليه.

والحمد لله رب العالمين

 

من كتاب: شؤون قرآنية

الشيخ محمد صنقور


1- سورة النحل / 26.

2- سورة النحل / 26.