دُعَاء خَتْم القُرآن
1- من دعاء الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) في الصحيفة السجادية عند ختم القرآن(1):
"أَللَّهمَّ إِنك أعنتني على ختم كتابك الذي أَنزلته نورًا، وجعلته مهيمنًا على كل كتاب أَنزلته، وفضَّلته على كل حديث قصصته، وفرقانًا فَرَّقت به بين حلالك وحرامك، وكتابًا فصَّلته لعبادك تفصيلاً، ووحيًا أَنزلته على نبيك محمّد (صلواتك عليه وآله) تنزيلاً، وجعلته نورًا بإتباعه، وشفاءً لمن أَنصت بفهم التصديق إِلى اسْتماعه، وميزانَ قسط لا يحيف عن الحق لسانُه، ونور هدى لا يُطفأ عن الشاهدين برهانه، وعَلمَ نجاة لا يضل من أَتمّ قصد سنته، ولا ينالَ أيدي الهلكات من تعلق بعروة عصمته.
اللَّهمَّ فإِذا أَفدتنا العونةَ على تلاوته وسهلت جواسي أَلسنتنا بحسن عبارته، فاجعلتا ممن يرعاه حق رعايته، ويدين لك باعتقاد التعليم لمحكم آياته، ويفزع إِلى الاِقرار بمتشابهه، وموضوحات بيناته.
اللَّهمَّ إِنك أَنزلته على نبيك محمّد (صلى الله عليه وآله) مجمَلاً، وأَلهمته على عجائبه مكَّملا، وورّثتنا علمَه مفسّرا، وفضلتنا على من جهل علمه، وقوَّيتنَا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله.
أللهمّ فكما جعلتَ قلوبنَا له حَمَلةً، وعرّفتنا برحمتك شرفه، وفضله، فصلِّ على محمّد الخطيب به وعلى آله الخزَّان له، واجعلنا ممن يعترف بأَنه من عندك حتى لا يعارضننا الشك في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه.
اللهمَّ صلِّ على محمّد وآله، واجعلنا ممن يعتصم بحبله، ويأْوى من المتشابهات إِلى حرز معقله، ويسكن في ظل جناحه ويهتدى بضوءِ صباحه، ويقتدى بتبلُج إِسفاره، ويستصبح بمصبحه، ولا يلتمس الهدى في غيره.
اللّهم وكما نصبت به محمدًا عَلَمًا للدلالة عليك، وأَنهجت بآله سبل الرضا إِليك فصل على محمّد وآله، واجعل القرآن وسيلة لنا إِلى أَشرف منازل الكرامة، وسُلَّمًا نعرج إِلى محل السلامة، وسببا نُجزى به النجاة في عرصة القيامة، وذريعة نقدم بها على نعيم دار المقامة.
اللهم صل على محمّد وآله واحطط بالقرآن عنا ثِقلَ الأوزار، وهب لنا حسن شمائل الأبرار واقفُ بنا آثار الذين قاموا لك به آناءَ الليل وأَطراف النهار حتى تطهرنا من كل دَنَس بتطهيره، وتقفوبنا آثار الذين استضاءُوا بنوره ولم يلههم الأمل عن العمل فيقطعهم بخدع غروره.
اللهمّ صل على محمّد وآله واجعل القرآن لنا في ظُلمَ الليالى مونسًا، ومن نزغا الشيطان وخطرات الوساوس حارسًا، ولاَقدامنا عن نقلها إِلى المعاصى حابسًا، ولاَلسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفة مخرسًا، ولجَوارحنا عن اقتراف الاثام زاجرًا، ولما طوت الغفلة عنا من تصفح الاعتبار ناشرًا، حتى توصل إِلى قلوبنا فهمَ عجائبه، وزواجر أَمثاله، التي ضعفت الجبال الرواسي على صلابتها عن احتماله.
اللهمّ صل على محمّد وآله وأَدم بالقرآن صلاح ظاهرنا، واحجب به خطرات الوساوس عن صحة ضمائرنا، واغتسل به درن قلوبنا وعلائق أوزارنا، واجمع به منتشر أُمورنا، واروِ به في موقِف العرض عليك ظمأَ هواجرنا، واكسنا به حلل الأمان يوم الفزع الأكبر في نشورنا.
اللهم فصل على محمّد وآله واجبر بالقرآن خلَّتنا من عدم الاِملاق، وسُق إِلينا به رغد العيسش وخصب سعة الأرزاق، وجنِّبنا به الضرائب المذمومة ومداني الاَخلاق، واعصمنا به من هوّة الكفر ودواعي النفاق، حتى يكون لنا في القيامة إِلى رضوانك وجنانك قائدًا، ولنا في الدنايا عن سخطك وتعدّى حدودك ذائدًا، ولمِا عندك بتحليل حلاله وتحريم حرامه شاهدًا.
اللهم صل على محمّد وآله، وهوّن بالقرآن عند الموت على أَنفسنا كرب السيَاق وجهد الاَنين، وترادف الحشارج إِذا بَلغتِ النفوسُ التراقى، وقيل مَن راق؟ وتجلَّى مَلَكُ الموت لقبضها من حجب الغيوب، ورماها عن قوس المنايا بأَسهم وحشة الفراق، وداف لها من ذعاف الموت كأسًا مسومة المذاق، ودنا مِنَّا إِلى الآخرة رحيل وانطلاق، وصارت الأعمال قلائد في الأعناق، و كانت القبور هى المأْوى إِلى ميقات يوم التلاق.
اللهم فصل على محمّد وآله وبارك لنا في حلول دار البلى، وطول المقامة بين أَطباق الثرى، واجعل القبور بعد فراق الدنيا خير منازلنا، وافسخ لنا برحمتك في ضيق ملاحدنا، ولا تفضحنا في حاضري القيامة بموبقات آثامنا، وارحم بالقرآن في موقف العرض عليك ذُلَّ مقامنا، وثبِّت به عند اضطراب جسر جهنم يوم المجاز عليها زللَ أَقدامنا، ونوِّر به قبل البعث سُدَف قبورنا، ونجّنا به من كل كرب يوم القيامة، وشدائد أَهوال يوم الطامّة، وبيّض وجوهَنا يوم تسودُّ وجوه الظلمة في يوم الحسرة والندامة، واجعل لنا في صدور المؤمنين وُدّا، ولا تجعل الحياة علينا نكدا.
اللهم صل على محمّد عبدك ورسولك كما بلَّغ رسالتك، وصَدَع بأَمرك، ونَصَح لعبادك.
اللهم اجعل نبينا (صلواتك عليه وعلى آله) يوم القيامة أَقرب النبيين منك مجلسًا، وأَمكنهم منك شفاعة، وأَجلّهم عندك قدرًا، وأَوجههم عندك جاها.
اللهم صل على محمّد وآل محمّد وشرّف بنيانه، وعظَّم برهانه، وثقِّلْ ميزانه وتقبل شفاعته، وقرّب وسيلته، وبيّض وجهه، وأَتمَّ نوره وارفع درجته، وأَحينا على سنَّته وتوفَّنا على ملَّته، وخذ بنا منهاجه، واسلك بنا سبيله، واجعلنا من أَهل طاعته، واحشرنا في زمرته، وأَوردنا حوضه واسقنا بكأْسه، وصلِّ اللَّهم على محمّد وآله صلاة تبلغه بها أَفضل ما يأْمل من خيرات وفَضالك وكرامتك إِنك ذو رحمة واسعة وفضل كريم.
اللهم اجزه بما بلَّغ من رسالاتك، وأَدّى من آياتك، ونصح لعبادك، وجاهد في سبيلك أَفضل ما جزيت أَحدًا من ملائكتك المقربين، وأَنبيائك المرسلين المصطفين، والسلام عليه وعلى آله الطَّيبين الطاهرين ورحمة الله وبركاته".
2- قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله):
"أن أدعو بهن (أى بالكلمات التالية) عند ختم القرآن(2): اللهم إني أَسأَلك إِخبات المخبتين، وإِخلاص الموقنين ومرافقة الأبرار واستحقاق حقائق الإيمان والغنيمة من كل برّ والسلامة من كل إِثم ووجوب رحمتك وعزائم مغفرتك والفوز بالجنة والنجاة من النار".
3- كان أمير المؤمنين (عليه السلام) اذا ختم القرآن(3):
اللهم اشرح بالقرآن صدري، واستعمل بالقرآن بدني، ونوّر بالقرآن بصري، وأَطلق بالقرآن لساني، وأَعنِّي عليه ما أَبقيتني، فإِنه لا حول ولا قوة إِلا بك".
4- كان الدعاء الذي يدعو به الإمام الصادق جعفر بن محمّد (عليه السلام) عند الفراغ من القرآن هو(4):
"اللهم إِني قد قرأَتُ ما قضيتَ من كتابك الذي أَنزلتَ فيه على نبيك الصادق (صلى الله عليه وآله) فلك الحمد ربنا.
اللهم اجعلني ممن يُحلّ حلاله، ويحرّم حرامه، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، واجعله لي أُنسًا في قبري وأُنسًا في حشري، واجعلني ممن ترقيهِ بكل آية قرأَها درجَة في أَعلى عليِّين آمين رب العالمين".
1- الصحيفة السجادية الدعاء رقم 42.
2- مكارم الأخلاق ص393.
3- بحار الأنوار ج92 / ص209.
4- بحار الأنوار ج92 / ص207.