أتـى

 

الإتيان: مجيء بسهولة، ومنه قيل للسيل المار على وجهه: أتي وأتاوي (قال ابن منظور: والأتي: النهر يسوقه الرجل إلى أرضه. وسيل أتي وأتاوي: لا يدرى من أين أتى، وقال اللحياني: أي: أتى ولبس مطره علينا)، وبه شبه الغريب فقيل: أتاوي (وقال في اللسان: بل السيل مشبه بالرجل لأنه غريب مثله، راجع 14/15).

 

والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير، ويقال في الخير وفي الشر وفي الأعيان والأعراض، نحو قوله تعالى: ﴿إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ﴾ الأنعام/40، وقوله تعالى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللّهِ﴾ النحل/1، وقوله: ﴿فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ﴾ النحل/26، أي: بالأمر والتدبير، نحو: ﴿وَجَاء رَبُّكَ﴾ الفجر/22، وعلى هذا النحو قول الشاعرالأعشى:

أتيت المروءة من بابها

وكأس شربت على لذة *** وأخرى تداويت منها بها

لكي يعلم الناس أني امرؤ *** أتيت المروءة من بابها

 

وليس في ديوانه - طبع دار صادر، بل في ديوانه - طبع مصر ص 173؛ وخاص الخاص ص 99، والعجز في بصائر ذوي التمييز 2/43)

 

﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا﴾ النمل/37، وقوله: ﴿لاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى﴾ التوبة/54، أي: لا يتعاطون، وقوله: ﴿يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ﴾ النساء/15، وفي قراءة عبد الله: (تأتي الفاحشة (وهي قراءة شاذة قرأ بها ابن مسعود) فاستعمال الإتيان منها كاستعمال المجيء في قوله: ﴿لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ مريم/27.

يقال: أتيته وأتوته (قال ابن مالك:

وأتوت مثل أتيت فقل لها *** ومحوت خط السطر ثم محيته

 

ويقال للسقاء إذا مخض وجاء زبده: قد جاء أتوه، وتحقيقه: جاء ما من شأنه أن يأتي منه، فهو مصدر في معنى الفاعل.

 

وهذه أرض كثيرة الإتاء أي: الريع، وقوله تعالى: ﴿مَأْتِيًّا﴾ مريم/61 مفعول من أتيته. قال بعضهم: (والذي قال هذا ابن قتيبة وأبو نصر الحدادي، وذكره ابن فارس بقوله: وزعم ناس، وكأنه يضعفه.

 

راجع: تأويل مشكل القرآن ص 298؛ والمدخل لعلم التفسير كتاب الله ص 269؛ والصاحبي ص 367؛ وكذا الزمخشري في تفسيره راجع الكشاف 2/2/415) : معناه: آتيا، فجعل المفعول فاعلا، وليس كذلك بل يقال: أتيت الأمر وأتاني الأمر، ويقال: أتيته بكذا وأتيته كذا. قال تعالى: ﴿وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً﴾ البقرة/25، وقال: ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا﴾ النمل/37، وقال: ﴿وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا﴾ النساء/54.

 

"وكل موضع ذكر في وصف الكتاب (آتينا فهو أبلغ من كل موضع ذكر فيه (وأتوا) ؛ لأن (أوتوا) قد يقال إذا أوتي من لم يكن منه قبول، وآتيناهم يقال فيمن كان منه قبول" (نقل هذه الفائدة السيوطي في الإتقان 1/256 عن المؤلف).

 

وقوله تعالى: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ الكهف/96 وقرأه حمزة موصولة (وكذا قرأها أبو بكر من طريق العليمي وأبي حمدون. انتهى. راجع: الإتحاف ص 295). أي: جيئوني.

 

والإيتاء: الإعطاء، وخص دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء نحو: ﴿وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ﴾ البقرة/277، ﴿وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ﴾ الأنبياء/73، و ﴿وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا﴾ البقرة/229، و ﴿وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ﴾ البقرة/247.