بقي

البقاء: ثبات الشيء على حاله الأولى، وهو يضاد الفناء، وقد بقي بقاء، وقيل: بقى (وهي لغة بلحرث بن كعب) في الماضي يضاد الفناء، وقد بقي، وفي الحديث: (بقينا رسول الله) (الحديث عن معاذ بن جبل قال: بقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة فتأخر، حتى ظن الظان أنه ليس بخارج والقائل منا يقول: صلى، فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا، فقال: (أعتموا هذه الصلاة، فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم) أخرجه أبو داود في باب وقت العشاء الآخرة. راجع معالم السنن 1/131) أي: انتظرناه وترصدنا له مدة كثيرة، والباقي ضربان: باق بنفسه لا إلى مدة وهو الباري تعالى، ولا يصح عليه الفناء، وباق بغيره وهو ما عداه ويصح عليه الفناء.

والباقي بالله ضربان:

- باق بشخصه إلى أن يشاء الله أن يفنيه، كبقاء الأجرام السماوية.

- وباق بنوعه وجنسه دون شخصه وجزئه، كالإنسان والحيوان.

وكذا في الآخرة باق بشخصه كأهل الجنة، فإنهم يبقون على التأبيد لا إلى مدة، كما قال عز وجل: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ البقرة/162.

والآخر بنوعه وجنسه، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن ثمار أهل الجنة يقطفها أهلها ويأكلونها ثم تخلف مكانها مثلها) (الحديث عن ثوبان أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا ينزع رجل من أهل الجنة من ثمره إلا أعيد في مكانها مثلاها) أخرجه البزار والطبراني، راجع: الدر المنثور 1/97)، ولكون ما في الآخرة دائما، قال الله عز وجل: ﴿وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ القصص/60، وقوله تعالى: ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ﴾ الكهف/46، أي: ما يبقى ثوابه للإنسان من الأعمال، وقد فسر بأنها الصلوات الخمس، وقيل: سبحان الله والحمد لله (راجع: الدر المنثور للسيوطي 5/396)، والصحيح أنها كل عبادة يقصد بها وجه الله تعالى (وهذا قول قتادة فيما أخرجه عنه ابن أبي حاتم وابن مردويه. انظر: الدر المنثور 5/399)، وعلى هذا قوله: ﴿بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ هود/86، وأضافها إلى الله تعالى، وقوله تعالى: ﴿فهل ترى لهم من باقية﴾ الحاقة/8. أي: جماعة باقية، أو: فعلة لهم باقية. وقيل: معناه: بقية. قال: وقد جاء من المصادر ما هو على فاعل

(وفي ذلك قال أبو بكر ابن محنض الشنقيطي: فاعلة المصدر منها العافية  ناشئة نازلة وواقية  باقية لديهم وخاطئة   الهاء كالنائل جاءت عارية  ومثلها صاعقة وراغية)

وما هو على بناء مفعول (المصادر التي جاءت على وزن مفعول جمعها بعضهم فقال:

مجلودكم محلوفكم معقول *** مصادر يزنها مفعول

كذلك المفسول والمعسول *** فأصغ ليتا أيها النبيل

وزاد شيخنا عليها:

ومثل ذاك أيضا الميسور *** ومثله في ذلك المعسور