تلو

 

تلاه: تبعه متابعة ليس بينهم ما ليس منها، وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم، ومصدره: تلو وتلو، وتارة بالقراءة وتدبر المعنى، ومصدره: تلاوة ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ الشمس/2، أراد به ههنا الاتباع على سبيل الاقتداء والمرتبة، وذلك أنه يقال: إن القمر هو يقتبس النور من الشمس وهو لها بمنزلة الخليفة، وقيل: وعلى هذا نبه قوله: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا﴾ الفرقان/61، فأخبر أن الشمس بمنزلة السراج، والقمر بمنزلة النور المقتبس منه، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ يونس/5، والضياء أعلى مرتبة من النور، إذ كل ضياء نور، وليس كل نور ضياء. ﴿وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ﴾ هود/17، أي: يقتدي به ويعمل بموجب قوله: ﴿يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ﴾ آل عمران/113. والتلاوة تختص باتباع كتب الله المنزلة، تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهي، وترغيب وترهيب.

 

أو ما يتوهم فيه ذلك، وهو أخص من القراءة فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه. ﴿هُنَالِكَ تَتلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ﴾ وهذه قراءة حمزة والكسائي وخلف وقرأ الباقي ﴿تَبْلُو﴾ يونس/30، ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا﴾ الأنفال/31، ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ﴾ العنكبوت/51، ﴿قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ﴾ يونس/16، ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ الأنفال/2، فهذا بالقراءة، وكذلك: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ﴾ الكهف/27، ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾ المائدة/27، ﴿فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا﴾ الصافات/3.

 

وأما قوله: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ البقرة/121 فاتباع له بالعلم والعمل، ﴿ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ﴾ آل عمران/58 أي: ننزله، ﴿وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ البقرة/102، واستعمل فيه لفظ التلاوة لما كان يزعم الشيطان أن ما يتلونه من كتب الله. والتلاوة والتلية: بقية مما يتلى، أي: يتبع.

 

وأتليته أي: أبقيت (وفي نسخة: أتبعته من التلاوة) منه تلاوة، أي: تركته قادرا على أن يتلوه، وأتليت فلانا على فلان بحق، أي: أحلته عليه، ويقال: فلان يتلو على فلان ويقول عليه، أي: يكذب عليه، قال: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ﴾ آل عمران/75 ويقال: لا دري ولا تلي، و (لا دريت ولا تليت) (الحديث تقدم ص 84) وأصله ولا تلوث، فقلب للمزاوجة كما قيل: (مأزورات غير مأجورات) (هذا حديث مروي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجه ابن ماجه في باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز 1/503 وقال في الزوائد: في إسناده دينار بن عمر وقد ضعف، فالحديث ضعيف. وراجع شرح السنة 5/465) وإنما هو موزورات.