جد

الجد: قطع الأرض المستوية، ومنه: جد في سيره يجد جدا، وكذلك جد في أمره وأجد: صار ذا جد، وتصور من: جددت الأرض: القطع المجرد، فقيل: جددت الثوب إذا قطعته على وجه الإصلاح، وثوب جديد: أصله المقطوع، ثم جعل لكل ما أحدث إنشاؤه، قال تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ ق/15، إشارة إلى النشأة الثانية، وذلك قولهم: ﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ ق/3 وقوبل الجديد بالخلق لما كان المقصود بالجديد القريب العهد بالقطع من الثوب، ومنه قيل لليل والنهار: الجديدان والأجدان (انظر: جنى الجنتين ص 33؛ والبصائر 1/370؛ والمجمل 1/169؛ ويقال: لا أفعله ما اختلف الجديدان) قال تعالى: ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ﴾ فاطر/27، جمع جدة، أي: طريقة ظاهرة، من قولهم: طريق مجدود، أي مسلوك مقطوع: قال ابن مالك في مثلثه:

قطع وحظ وجلال جد *** وضد هزل واجتهاد جد

والبشر والشخص العظيم جد *** وسنوات القحط والإجداب

ومنه: جادة الطريق، والجدود والجداء من الضأن: التي انقطع لبنها. وجد ثدي أمه على طريق الشتم (يقال ذلك إذا دعي عليه بالقطيعة)، وسمي الفيض الإلهي جدا، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ الجن/3، أي: فيضه، وقيل: عظمته، وهو يرجع إلى الأول، وإضافته إليه على سبيل اختصاصه بملكه، وسمي ما جعل الله للإنسان من الحظوظ الدنيوية جدا، وهو البخت، فقيل: جددت وحظظت وقوله عليه السلام: (لاينفع ذا الجد منك الجد) (الحديث عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وهو صحيح أخرجه البخاري في باب الذكر بعد الصلاة (انظرك الفتح 2/325)، والاعتصام 13/264؛ ومسلم برقم (593) ؛ وانظر: شرح السنة 3/225. وللسيوطي رسالة في معناه، انظرها في الحاوي للفتاوي 1/383)، أي: لا يتوصل إلى ثواب الله تعالى في الآخرة بالجد، وإنما ذلك بالجد في الطاعة، وهذا هو الذي أنبأ عنه قوله تعالى: ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ﴾ الإسراء/18، ﴿وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾ الإسراء/19، وإلى ذلك أشار بقوله: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾ الشعراء/88.

والجد: أبو الأب وأبو الأم. وقيل: معنى (لا ينفع ذا الجد) : لا ينفع أحدا نسبه وأبوته، فكما نفى نفع البنين في قوله: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾ الشعراء/88، كذلك نفى نفع الأبوة في هذا الحديث.