حول

أصل الحول تغير الشيء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التغير قيل: حال الشيء يحول حؤولا، واستحال: تهيأ لأن يحول، وباعتبار الانفصال قيل: حال بيني وبينك كذا، وقوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ الأنفال/24، فإشارة إلى ما قيل في وصفه: (يا مقلب القلوب والأبصار) (الحديث عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. أخرجه أحمد 3/112)، وهو أن يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك، وقيل: على ذلك: ﴿وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ﴾ سبأ/54، وقال بعضهم في قوله: ﴿يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ الأنفال/24، هو أن يهلكه، أو يرده إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا (انظر غرائب التفسير وعجائب التأويل 1/438)، وحولت الشيء فتحول: غيرته؛ إما بالذات؛ وإما بالحكم والقول، ومنه: أحلت على فلان بالدين. وقولك: حولت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصورة الأولى، وفي المثل (الأمثال لأبي عبيد ص 337، ومجمع الأمثال 2/175) : لو كان ذا حيلة لتحول، وقوله عز وجل: ﴿لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا﴾ الكهف/108، أي: تحولا.

والحول: السنة، اعتبارا بانقلابها ودوران الشمس في مطالعها ومغاربها، قال الله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ البقرة/233، وقوله عز وجل: ﴿مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ البقرة/240. ومنه: حالت السنة تحول، وحالت الدار: تغيرت، وأحالت وأحولت: أتى عليها الحول (انظر: المجمل 1/258)، نحو أعامت وأشهرت، وأحال فلان بمكان كذا: أقام به حولا، وحالت الناقة تحول حيالا: إذا لم تحمل (انظر:المجمل 1/258) وذلك لتغير ما جرت به عادتها، والحال: لما يختص به الإنسان وغيره من أموره المتغيرة في نفسه وجسمه وقنيته، والحول: ما له من القوة في أحد هذه الأصول الثلاثة، ومنه قيل: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحول الشيء: جانبه الذي يمكنه أن يحول إليه، قال عز وجل: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ﴾ غافر/7، والحيلة والحويلة: ما يتوصل به إلى حالة ما في خفية، وأكثر استعمالها فيما في تعاطيه خبث، وقد تستعمل فيما فيه حكمة، ولهذا قيل في وصف الله عز وجل: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ الرعد/13، أي: الوصول في خفية من الناس إلى ما فيه حكمة، وعلى هذا النحو وصف بالمكر والكيد لا على الوجه المذموم، تعالى الله عن القبيح. والحيلة من الحول، ولكن قبلت واوها ياء لانكسار ما قبلها، ومنه قيل: رجل حول (في اللسان: ورجل حول وحوله، مثل همزة: محتال شديد الاحتيال)، وأما المحال: فهو ما جمع فيه بين المتناقضين، وذلك يوجد في المقال، نحو أن يقال: جسم واحد في مكانين في حالة واحدة، واستحال الشيء: صار محالا فهو مستحيل. أي: آخذ في أن يصير محالا، والحولاء: لما يخرج مع الولد (قال ابن منظور: والحولاء والحولاء من الناقة كالمشيمة للمرأة. اللسان (حول) والغريب المصنف ورقة 27، نسخة تركيا). ولا أفعل كذا ما أرزمت أم حائل (انظر: اللسان (حول) 11/189؛ والجمل 1/258)، وهي الأنثى من أولاد الناقة إذا تحولت عن حال الاشتباه فبان أنها أنثى، ويقال للذكر بإزائها: سقب. والحال تستعمل في اللغة للصفة التي عليها الموصوف، وفي تعارف أهل المنطق لكيفية سريعة الزوال، نحو: حرارة وبرودة، ويبوسة ورطوبة عارضة.