حور

الحور: التردد إما بالذات؛ وإما بالفكر، وقوله عز وجل: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ﴾ الانشقاق/14، أي: لن يبعث، وذلك نحو قوله: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ التغابن/17، وحار الماء في الغدير: تردد فيه، وحار في أمره: تحير، ومنه: المحور للعود الذي تجري عليه البكرة لتردده، وبهذا النظر قيل: سير السواني أبدا لا ينقطع (المثل: سير السواني سفر لا ينقطع. اللسان: سنا)، والسواني جمع سانية، وهي ما يستقى عليه من بعير أو ثور، ومحاره الأذن لظاهره المنقعر، تشبيها بمحارة الماء لتردد الهواء بالصوت فيه كتردد الماء في المحارة، والقوم في حور أي: في تردد إلى نقصان، وقوله: (نعوذ بالله من الحور بعد الكور) (الحديث عن عبد الله بن سرجس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسافرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال) أخرجه مسلم في الحج برقم (1343) ؛ وابن ماجه 2/1279؛ والترمذي (العارضة 13/4) ؛ والنسائي 8/272) أي: من التردد في الأمر بعد المضي فيه، أو من نقصان وتردد في الحال بعد الزيادة فيها، وقيل: حار بعد ما كار.

والمحاورة والحوار: المرادة في الكلام، ومنه التحاور، قال الله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ المجادلة/1، وكلمته فما رجع إلي حوارا، أو حويرا أو محورة (انظر أساس البلاغة ص 98؛ ومجمل اللغة 1/256)، أي: جوابا، وما يعيش بأحور، أي بعقل يحور إليه، وقوله تعالى: ﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾ الرحمن/72، ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾ الواقعة/22، جمع أحور وحوراء، والحور قيل: ظهور قليل من البياض في العين من بين السواد، وأحورت عينه، وذلك نهاية الحسن من العين، وقيل: حورت الشيء: بيضته ودورته، ومنه: الخبز الحوارى، والحواريون أنصار عيسى صلى الله عليه وسلم، قيل: كانوا قصارين (انظر غريب القرآن لليزيدي ص 106)، وقيل: كانوا صيادين، وقال بعض العلماء: إنما سموا حواريين لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم المشار إليه بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الأحزاب/33، قال: وإنما قيل: كانوا قصارين على التمثيل والتشبيه، وتصور منه من لم يتخصص بمعرفته الحقائق المهنة المتداولة بين العامة، قال: وإنما كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة، وقودهم إلى الحق، قال صلى الله عليه وسلم: (الزبير ابن عمتي وحواري) (الحديث عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي) أخرجه أحمد في المسند 3/314؛ وانظر الفتح الكبير 2/145؛ والرياض النضرة 4/275) وقوله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي حواري وحواري الزبير) (الحديث أخرجه البخاري في الجهاد 6/53، وفضل أصحاب النبي 7/80؛ ومسلم في فضائل الصحابة برقم 2415؛ وأحمد في المسند 3/307؛ وابن ماجه برقم 4122) فتشبيه بهم في النصرة حيث قال: ﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ الصف/14.