حفظ

 

الحفظ يقال تارة لهيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي إليه الفهم، وتارة لضبط الشيء في النفس، ويضاده النسيان، وتارة لاستعمال تلك القوة، فيقال: حفظت كذا حفظا، ثم يستعمل في كل تفقد وتعهد ورعاية، قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ يوسف/12، ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ البقرة/238، ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ المؤمنون/5، ﴿وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ﴾ الأحزاب/35، كناية عن العفة ﴿حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ﴾ النساء/34، أي: يحفظن عهد الأزواج عند غيبتهن بسبب أن الله تعالى يحفظهن، أي: يطلع عليهن، وقرئ: ﴿بِمَا حَفِظَ اللّهُ﴾ (وبها قرأ أبو جعفر المدني. انظر: الإتحاف ص 189) بالنصب، أي: بسبب رعايتهن حق الله تعالى لا لرياء وتصنع منهن، و ﴿فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ الشورى/48، أي: حافظا، كقوله: ﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ﴾ ق/45، ﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ الأنعام/107، ﴿فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا﴾ يوسف/64، وقرئ: ﴿حِفْظًا﴾ (وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن عامر وأبي عمرو ويعقوب وشعبة عن عاصم. انظر: الإتحاف ص 266) أي: حفظه خير من حفظ غيره، ﴿وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ﴾ ق/4، أي: حافظ لأعمالهم فيكون ﴿حَفِيظٌ﴾ بمعنى حافظ، نحو قوله تعالى: ﴿اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ﴾ الشورى/6، أو معناه: محفوظ لا يضيع، كقوله تعالى: ﴿عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ طه/52، والحفاظ: المحافظة، وهي أن يحفظ كل واحد الآخر، وقوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ المؤمنون/9، فيه تنبيه أنهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ومراعاة أركانها، والقيام بها في غاية ما يكون من الطوق، وأن الصلاة تحفظهم الحفظ الذي نبه عليه في قوله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ العنكبوت/45، والتحفظ: قيل: هو قلة الغفلة (انظر: المجمل 1/244؛ والبصائر 2/481)، وحقيقته إنما هو تكلف الحفظ لضعف القوة الحافظة، ولما كانت تلك القوة من أسباب العقل توسعوا في تفسيرها كما ترى. والحفيظة: الغضب الذي تحمل عليه المحافظة أي: ما يجب عليه أن يحفظه ويحميه. ثم استعمل في الغضب المجرد، فقيل: أحفظني فلان، أي: أغضبني.