خطف
الخطف والاختطاف: الاختلاس بالسرعة، يقال: خطف: خطف يخطف، وخطف يخطف (راجع: الأفعال 1/438 و 468) وقرئ بهما جميعا قال: ﴿إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ﴾ (سورة الصافات: آية 10، وقراءة (خطف) شاذة)، وذلك وصف للشياطين المسترقة للسمع، قال تعالى: ﴿فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ﴾ الحج/31، ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ البقرة/20، وقال: ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ العنكبوت/67، أي: يقتلون ويسلبون، والخطاف: للطائر الذي كأنه يخطف شيئا في طيرانه، ولما يخرج به الدلو، كأنه يختطفه. وجمعه خطاطيف، وللحديدة التي تدور عليها البكرة، وباز مخطف: يختطف ما يصيده، والخيطف (انظر: اللسان (خطف) ؛ والبصائر 2/551؛ والمجمل 2/294) : سرعة انجذاب السير، وأخطف الحشا (في المجمل: ومخطف الحشا: إذا كان منطوي الحشا)، ومخطفه كأنه اختطف حشاه لضموره.
خطأ
الخطأ: العدول عن الجهة، وذلك أضرب: أحدها: أن تريد غير ما تحسن إرادته فتفعله، وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان، يقال خطئ يخطأ، خطأ، وخطأ، قال تعالى: ﴿إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا﴾ الإسراء/31، قال: ﴿وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ يوسف/91.
والثاني: أن يريد ما يحسن فعله، ولكن يقع منه خلاف ما يريد فيقال: أخطأ إخطاء فهو مخطئ، وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل، وهذا المعني بقوله عليه السلام: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) (الحديث عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رفع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) أخرجه أبو القاسم التميمي المعروف بأخي عاصم في فوائده، ورجاله ثقات غير أن فيه انقطاعا. وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 11/133؛ والدارقطني 4/171؛ وابن ماجه 1/659؛ والحاكم 2/198؛ وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي؛ وضعفه الإمام أحمد، فقال عبد الله بن أحمد في العلل: سألت أبي عنه فأنكره جدا. وانظر: كشف الخفاء 2/135؛ والمقاصد الحسنة ص 228؛ وتخريج أحاديث اللمع للغماري ص 149) وبقوله: (من اجتهد فأخطأ فله أجر (الحديث عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر). أخرجه البخاري 9/193 في كتاب الاعتصام بالسنة؛ ومسلم 15/1716 كتاب الأقضية؛ وأبو داود؛ معالم السنن 4/160؛ وانظر الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج للغماري ص 269)، وقوله عز وجل: ﴿وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ النساء/92.
والثالث: أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافة، فهذا مخطئ في الإرادة ومصيب في الفعل، فهو مذموم بقصده وغير محمود على فعله، وهذا المعنى هو الذي أراده في قوله: أردت مساءتي فاجتررت مسرتي وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدري (البيت في البصائر 2/552 دون نسبة وفي تفصيل النشأتين ص 109)
وجملة الأمر أن من أراد شيئا فاتفق منه غيره يقال: أخطأ، وإن وقع منه كما أراده يقال: أصاب، وقد يقال لمن فعل فعلا لا يحسن، أو أراد إرادة لا تجمل: إنه أخطأ، ولهذا يقال (انظر تفسير الراغب ورقة 56) : أصاب الخطأ، وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب، وأخطأ الخطأ، وهذه اللفظة مشتركة كما ترى، مترددة بين معان يجب لمن يتحرى الحقائق أن يتأملها. وقوله تعالى: ﴿وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ البقرة/81. والخطيئة والسيئة يتقاربان، لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه في نفسه، بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه، كمن يرمي صيدا فأصاب إنسانا، أو شرب مسكرا فجنى جناية في سكره، والسبب سببان: سبب محظور فعله، كشرب المسكر وما يتولد عنه من الخطإ غير متجاف عنه، وسبب غير محظور، كرمي الصيد، قال تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ الأحزاب/5، وقال تعالى: ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا﴾ النساء/112، فالخطيئة ههنا هي التي لا تكون عن قصد إلى فعله، قال تعالى: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾ نوح/24، ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ﴾ نوح/25، ﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾ الشعراء/51، ﴿وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ﴾ العنكبوت/12، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾ الشعراء/82، والجمع الخطيئات والخطايا، وقوله تعالى: ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ البقرة/58، فهي المقصود إليها، والخاطيء (قال الأموي: المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره، والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي. انظر: العباب (خطأ) هو القاصد للذنب، وعلى ذلك قوله: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ، لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ﴾ الحاقة/36 - 37، وقد يسمى الذنب خاطئة في قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ﴾ الحاقة/9، أي: الذنب العظيم، وذلك نحو قولهم: شعر شاعر. فأما ما لم يكن مقصودا فقد ذكر عليه السلام أنه متجافى عنه، وقوله تعالى: ﴿نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ﴾ البقرة/58، فالمعنى ما تقدم.