درك

 

الدرك كالدرج، لكن الدرج يقال اعتبارا بالصعود، والدرك اعتبارا بالحدور، ولهذا قيل: درجات الجنة، ودركات النار، ولتصور الحدور في النار سميت هاوية، وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ النساء/145، والدرك (بفتح الراء، وهو أشهر، وتسكينها. القاموس) أقصى قعر البحر. ويقال للحبل الذي يوصل به حبل آخر ليدرك الماء درك، ولما يلحق الإنسان من تبعة درك (الدرك: التبعة، يسكن ويحرك، يقال: ما لحقك من درك فعلي خلاصه. انظر: اللسان (درك) كالدرك في البيع (ومنه: ضمان الدرك في عهدة البيع). قال تعالى: ﴿لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى﴾ طه/77، أي: تبعة. وأدرك: بلغ أقصى الشيء، وأدرك الصبي: بلغ غاية الصبا، وذلك حين البلوغ، قال: ﴿حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ﴾ يونس/90، وقوله: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ الأنعام/103 ؛ فمنهم من حمل ذلك على البصر الذي هو الجارحة؛ ومنهم من حمله على البصيرة، وذكر أنه قد نبه به على ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه في قوله (يا من غاية معرفته القصور عن معرفته) إذ كان غاية معرفته تعالى أن تعرف الأشياء فتعلم أنه ليس بشيء منها، ولا بمثلها بل هو موجد كل ما أدركته. والتدارك في الإغاثة والنعمة أكثر، نحو قوله تعالى: ﴿لَوْلَا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ﴾ القلم/49، وقوله: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا﴾ الأعراف/38، أي: لحق كل بالآخر. وقال: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ النمل/66، أي: تدارك، فأدغمت التاء في الدال، وتوصل إلى السكون بألف الوصل، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا﴾ الأعراف/38، ونحوه: ﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ﴾ التوبة/38، و ﴿اطَّيَّرْنَا بِكَ﴾ النمل/47، وقرئ: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ (سورة النمل: آية 66، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب)، وقال الحسن: معناه جهلوا أمر الآخرة (أخرجه ابن جرير 20/7 عن ابن زيد)، وحقيقته انتهى علمهم في لحوق الآخرة فجهلوها. وقيل معناه: بل يدرك علمهم ذلك في الآخرة، أي: إذا حصلوا في الآخرة؛ لأن ما يكون ظنونا في الدنيا، فهو في الآخرة يقين.