رسل

أصل الرسل: الانبعاث على التؤدة ويقال: ناقة رسلة: سهلة السير، وإبل مراسيل: منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه: الرسول المنبعث، وتصور منه تارة الرفق، فقيل: على رسلك، إذا أمرته بالرفق، وتارة الانبعاث فاشتق منه الرسول، والرسول يقال تارة للقول المتحمل كقول الشاعر: ألا أبلغ أبا حفص رسولا (شطر بيت، عجزه: فدى لك من أخي ثقة إزاري، وهو لأبي المنهال الأشجعي، وقد تقدم في مادة (أزر)

وتارة لمتحمل القول والرسالة. والرسول يقال للواحد والجمع، قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ التوبة/128، وللجمع: ﴿فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ الشعراء/16، وقال الشاعر:

ألكني إليها وخير الرسو *** ل أعلمهم بنواحي الخبر

(البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/146؛ والبصائر 3/70؛ واللسان (ألك) وجمع الرسول رسل. ورسل الله تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الأنبياء، فمن الملائكة قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ التكوير/19، وقوله: ﴿إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ﴾ هود/81، وقوله: ﴿وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ﴾ هود/77، وقال: ﴿وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى﴾ العنكبوت/31، وقال: ﴿وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا﴾ المرسلات/1، ﴿بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ الزخرف/80، ومن الأنبياء قوله: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ﴾ آل عمران/144، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ المائدة/67، وقوله: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾ الأنعام/48، فمحمول على رسله من الملائكة والإنس. وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ المؤمنون/51، قيل: عني به الرسول وصفوة أصحابه، فسماهم رسلا لضمهم إليه (وقال لعض العلماء: الخطاب في هذه الآية للنبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أقامه مقام الرسل. راجع: القرطبي 12/127)، كتسميتهم المهلب (هو المهلب بن أبي صفرة، كان والي خراسان من جهة الحجاج بن يوسف الثقفي، وأولاده يقال لهم المهالبة، وله يد طولى في قتال الخوارج، توفي سنة 83 هجري.

انظر: أخباره في وفيات الأعيان 5/350؛ والكامل لابن الأثير؛ وشذرات الذهب 1/95) وأولاده: المهالبة. والإرسال يقال في الإنسان، وفي الأشياء المحبوبة، والمكروهة، وقد يكون ذلك بالتسخير، كإرسال الريح، والمطر، نحو: ﴿وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا﴾ الأنعام/6، وقد يكون ببعث من له اختيار، نحو إرسال الرسل، قال تعالى: ﴿وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً﴾ الأنعام/61، ﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ﴾ الشعراء/53، وقد يكون ذلك بالتخلية، وترك المنع، نحو قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ مريم/83، والإرسال يقابل الإمساك. قال تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ فاطر/2، والرسل من الإبل والغنم: ما يسترسل في السير، يقال: جاءوا أرسالا، أي: متتابعين، والرسل: اللبن الكثير المتتابع الدر.