سوا

 

- المساواة: المعادلة المعتبرة بالذرع والوزن، والكيل، يقال: هذا ثوب مساو لذاك الثوب، وهذا الدرهم مساو لذلك الدرهم، وقد يعتبر بالكيفية، نحو: هذا السواد مساو لذلك السواد، وإن كان تحقيقه راجعا إلى اعتبار مكانه دون ذاته، ولاعتبار المعادلة التي فيه استعمل استعمال العدل، قال الشاعر: أبينا فلا نعطي السواء عدونا (هذا شطر بيت لعنترة، وعجزه: قياما بأعضاد السراء المعطف، وهو في ديوانه ص 52؛ والحجة للفارسي 1/246؛ والنوادر لأبي زيد ص 122؛ والمخصص 12/160)

 

واستوى يقال على وجهين:

 

أحدهما: يسند إليه فاعلان فصاعدا، نحو: استوى زيد وعمرو في كذا، أي: تساويا، وقال: ﴿لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ﴾ التوبة/19.

 

والثاني: أن يقال لاعتدال الشيء في ذاته، نحو: ﴿ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى﴾ النجم/ 6، وقال: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ﴾ المؤمنون/28، ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ الزخرف/13، ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ الفتح/29، واستوى فلان على عمالته، واستوى أمر فلان، ومتى عدي بعلى اقتضى معنى الاستيلاء، كقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ طه/5، وقيل: معناه استوى له ما في السموات وما في الأرض، أي: استقام الكل على مراده بتسوية الله تعالى إياه، كقوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ﴾ البقرة/29، وقيل: معناه استوى كل شيء في النسبة إليه، فلا شيء أقرب إليه من شيء، إذ كان تعالى ليس كالأجسام الحالة في مكان دون مكان.

 

وإذا عدي بإلى اقتضى معنى الانتهاء إليه، إما بالذات، أو بالتدبير، وعلى الثاني قوله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ﴾ فصلت/11، وتسوية الشيء: جعله سواء؛ إما في الرفعة؛ أو في الضعة، وقوله: ﴿الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ﴾ الانفطار/7، أي: جعل خلقتك على ما اقتضت الحكمة، وقوله: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ الشمس/7، فإشارة إلى القوى التي جعلها مقومه للنفس، فنسب الفعل إليها، وقد ذكر في غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة، وسائر ما يفتقر الفعل إليه، نحو: سيف قاطع.

 

وهذا الوجه أولى من قول من قال: أراد ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ الشمس/7، يعني الله تعالى (وهو قول ابن جرير 30/210. قال: و (ما) موضع (من)، فإن (ما) لا يعبر به عن الله تعالى؛ إذ هو موضوع للجنس، ولم يرد به سمع يصح، وأما قوله: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى﴾ الأعلى/1 - 2، فالفعل منسوب إليه تعالى، وكذا قوله: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ الحجر/ 29، وقوله: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾ النازعات/28، فتسويتها يتضمن بناءها، وتزيينها المذكور في قوله: ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ﴾ الصافات/6.

 

والسوي يقال فيما يصان عن الإفراط، والتفريط من حيث القدر، والكيفية. قال تعالى: ﴿ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾ مريم/10، وقال تعالى: ﴿مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ﴾ طه/135، ورجل سوي: استوت أخلاقه وخلقته عن الإفراط والتفريط، وقوله تعالى: ﴿عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ﴾ القيامة/4، قيل: نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع لها، وقيل: بل نجعل أصابعه كلها على قدر واحد حتى لا ينتفع بها، وذاك أن الحكمة في كون الأصابع متفاوتة في القدر والهيئة ظاهرة، إذ كان تعاونها على القبض أن تكون كذلك، وقوله: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾ الشمس/14، أي: سوى بلادهم بالأرض، نحو: ﴿خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾ الكهف/42، وقيل: سوى بلادهم بهم، نحو: ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ﴾ النساء/42، وذلك إشارة إلى ما قال عن الكفار: ﴿وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾ النبأ/40.

 

ومكان سوى، وسواء: وسط. ويقال: سواء، وسوى، وسوى أي: يستوي طرفاه، ويستعمل ذلك وصفا وظرفا، وأصل ذلك مصدر، وقال: ﴿فِي سَوَاء الْجَحِيمِ﴾ الصافات/55، و ﴿سَوَاء السَّبِيلِ﴾ القصص/22، ﴿فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء﴾ الأنفال/58، أي: عدل من الحكم، وكذا قوله: ﴿إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ آل عمران/64، وقوله: ﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ﴾ البقرة/6، ﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ﴾ المنافقون/6، ﴿سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا﴾ إبراهيم/21، أي: يستوي الأمران في أنهما لا يغنيان ﴿سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ الحج/ 25، وقد يستعمل سوى وسواء بمعنى غير، قال الشاعر: فلم يبق منها سوى هامد (هذا شطر بيت، وعجزه: وسفع الخدود معا والنؤي، وهو لأبي ذؤيب الهذلي، في ديوان الهذليين 1/66؛ والبصائر 3/187)

 

وقال الآخر: وما قصدت من أهلها لسوائكا (هذا عجز بيت، وصدره: تجانف عن أهل اليمامة ناقتي، وهو للأعشى في ديوانه ص 131، واللسان (سوى) ؛ والبصائر 3/87؛ والمجمل 2/477)

 

وعندي رجل سواك، أي: مكانك، وبدلك، والسي: المساوي، مثل: عدل ومعادل، وقتل ومقاتل، تقول: سيان زيد وعمرو، وأسواء جمع سي، نحو: نقض وأنقاض، يقال: قوم أسواء، ومستوون، والمساواة متعارفة في المثمنات، يقال: هذا الثوب يساوي كذا، وأصله من ساواه في القدر، قال: ﴿حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ الكهف/96.