سمع

 

- السمع: قوة في الأذن به يدرك الأصوات، وفعله يقال له السمع أيضا، وقد سمع سمعا. ويعبر تارة بالسمع عن الأذن نحو: ﴿خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ البقرة/7، وتارة عن فعله كالسماع نحو: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ الشعراء/212، وقال تعالى: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ق/37، وتارة عن الفهم، وتارة عن الطاعة، تقول: اسمع ما أقول لك، ولم تسمع ما قلت، وتعني لم تفهم، قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا﴾ الأنفال/31، وقوله: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ النساء/46، أي: فهمنا قولك ولم نأتمر لك، وكذلك قوله: ﴿سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ البقرة/285، أي: فهمنا وارتسمنا. وقوله: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ الأنفال/ 21، يجوز أن يكون معناه: فهمنا وهم لا يفهمون، وأن يكون معناه: فهمنا وهم لا يعملون بموجبه، وإذا لم يعمل بموجبه فهو في حكم من لم يسمع. ثم قال تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ﴾ الأنفال/ 23، أي: أفهمهم بأن جعل لهم قوة يفهمون بها، وقوله: ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ النساء/46، يقال على وجهين: أحدهما: دعاء على الإنسان بالصمم. والثاني: دعاء له.

 

فالأول نحو: أسمعك الله، أي: جعلك الله أصم.

 

والثاني: أن يقال: أسمعت فلانا: إذا سببته، وذلك متعارف في السب، وروي (عن ابن زيد، كما أخرجه الطبري في تفسيره 5/118) أن أهل الكتاب كانوا يقولون ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم يوهمون أنهم يعظمونه، ويدعون له وهم يدعون عليه بذلك.

 

وكل موضع أثبت الله السمع للمؤمنين، أو نفى عن الكافرين، أو حث على تحريه فالقصد به إلى تصور المعنى والتفكر فيه، نحو: ﴿أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ الأعراف/195، ونحو: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ﴾ البقرة/18، ونحو: ﴿فِي آذَانِهِمْ وَقْرً﴾ فصلت/44، وإذا وصفت الله تعالى بالسمع فالمراد به علمه بالمسموعات، وتحريه بالمجازاة بها نحو: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ المجادلة/1، ﴿لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ﴾ آل عمران/181، وقوله: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء﴾ النمل/80، أي: لا تفهمهم، لكونهم كالموتى في افتقادهم بسوء فعلهم القوة العاقلة التي هي الحياة المختصة بالإنسانية، وقوله: ﴿أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ﴾ الكهف/26، أي: يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته، ولا يقال فيه: ما أبصره وما أسمعه، لما تقدم ذكره أن الله تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع وقوله في صفة الكفار: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾ مريم/38، معناه: أنهم يسمعون ويبصرون في ذلك اليوم ما خفي عليهم، وضلوا عنه اليوم لظلمهم أنفسهم، وتركهم النظر، وقال: ﴿خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ﴾ البقرة/93، ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ المائدة/42، أي: يسمعون منك لأجل أن يكذبوا، ﴿سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ المائدة/41، أي: يسمعون لمكانهم، والاستماع: الإصغاء نحو: ﴿نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا﴾ الإسراء/ 47، ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ محمد/16، ﴿وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ يونس/42، ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾ ق/41، وقوله: ﴿أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ﴾ يونس/31، أي: من الموجد لأسماعهم، وأبصارهم، والمتولي لحفظها؟ والمسمع والمسمع: خرق الأذن، وبه شبه حلقة مسمع الغرب (الغرب: الدلو العظيمة).