صور

 

- الصورة: ما ينتقش به الأعيان، ويتميز بها غيرها، وذلك ضربان: أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة، بل يدركه الإنسان وكثير من الحيوان كصورة الإنسان والفرس، والحمار بالمعاينة، والثاني: معقول يدركه الخاصة دون العامة، كالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل، والروية، والمعاني التي خص بها شيء بشيء، وإلى الصورتين أشار بقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾الأعراف/11، ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾غافر/ 64، وقال: ﴿ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴾الأنفطار/8، ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾آل عمران/6، وقال عليه السلام: (إن الله خلق آدم على صورته) (الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته) أخرجه أحمد 2/244.

 

وعنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلق الله تعالى آدم على صورته، طوله ستون ذراعا... ) الخ. أخرجه البخاري في الأنبياء، باب خلق آدم 6/362؛ ومسلم في الجنة برقم (2841) ) فالصورة أراد بها ما خص الإنسان بها من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة، وبها فضله على كثير من خلقه، وإضافته إلى الله سبحانه على سبيل الملك، لا على سبيل البعضية والتشبيه، تعالى عن ذلك، وذلك على سبيل التشريف له كقوله: بيت الله، وناقة الله، ونحو ذلك. قال تعالى: ﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي ﴾الحجر /29، ﴿ وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ﴾النمل/87، فقد قيل: هو مثل قرن ينفخ فيه، فيجعل الله سبحانه ذلك سببا لعود الصور والأرواح إلى أجسامها، وروي في الخبر (أن الصور فيه صورة الناس كلهم) (قال ابن الأثير: إن الصور: هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام عند بعث الموتى إلى المحشر.

 

وقال بعضهم: إن الصور جمع صورة، يريد: صور الموتى ينفخ فيه الأرواح، والصحيح الأول. قلت: والذي استدراك ذكره المؤلف لم يرد في الحديث، وإنما حكاه الجوهري عن الكلبي في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ﴾ويقال: هو جمع صورة، مثل: بسر وبسرة، أي: ينفخ في صور الموتى والأرواح. اللسان (صور) )، وقوله تعالى: ﴿ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ ﴾(سورة البقرة: آية 260، وهي قراءة حمزة وأبي جعفر ورويس بكسر الصاد) أي: أملهن من الصور، أي: الميل، وقيل: قطعهن صورة صورة، وقرئ: ﴿صرهن﴾(وهي قراءة الباقي) وقيل: ذلك لغتان، يقال: صرته وصرته (وصرهن من الصور، وهو القطع، يقال: صار يصير، وقيل: صرهن وصرهن لغتان. انظر: الحجة للفارسي 2/392؛ واللسان (صور) )، وقال بعضهم: صرهن، أي: صح بهن، وذكر الخليل أنه يقال: عصفور صوار (انظر: المجمل 2/545؛ والعين 7/149)، وهو المجيب إذا دعي، وذكر أبو بكر النقاش (اسمه محمد بن الحسن، مقرئ مفسر له كتاب (شفاء الصدور في التفسير). توفي 351 هجري.

 

قال الذهبي: متروك ليس بثقة على جلالته ونبله. راجع: غاية النهاية 2/119؛ وطبقات المفسرين للسيوطي ص 80) أنه قرئ: (فصرهن) (كل منهما قرءاة شاذة) بضم الصاد وتشديد الراء وفتحها من الصر، أي: الشد، وقرئ: (فصرهن) (كل منهما قراءة شاذة) من الصرير، أي: الصوت، ومعناه: صح بهن. والصوار: القطيع من الغنم اعتبارا بالقطع، نحو: الصرمة والقطيع، والفرقة، وسائر الجماعة المعتبر فيها معنى القطع.