شعر

 

- الشعر معروف، وجمعه أشعار قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا﴾ النحل/80، وشعرت: أصبت الشعر، ومنه استعير: شعرت كذا، أي علمت علما في الدقة كإصابة لشعر، وسمي الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته، فالشعر في الأصل اسم للعلم الدقيق في قولهم: ليت شعري، وصار في التعارف اسما للموزون المقفى من الكلام، والشاعر للمختص بصناعته، وقوله تعالى حكاية عن الكفار: ﴿بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ﴾ الأنبياء/ 5، وقوله: ﴿لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ﴾ الصافات/36، ﴿شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ﴾ الطور/ 30، وكثير من المفسرين حملوه على أنهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى، حتى تأولوا ما جاء في القرآن من كل لفظ يشبه الموزون من نحو: ﴿وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ﴾ سبأ/13، وقوله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ﴾ المسد/1.

 

وقال بعض المحصلين: لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به، وذلك أنه ظاهر من الكلام أنه ليس على أساليب الشعر، ولا يخفى ذلك على الأغتام (الغتمة: العجمة في المنطق، من الغتم، وهو الأخذ بالنفس. وتقول: بقيت بين ثلة أغتام، كأنهم ثلة أغنام. انظر: أساس البلاغة ص 320؛ وذكر هذا الكلام الراغب في مقدمة تفسيره ص 108) من العجم فضلا عن بلغاء العرب، وإنما رموه بالكذب؛ فإن الشعر يعبر به عن الكذب، والشاعر: الكاذب حتى سمى قوم الأدلة الكاذبة الشعرية، ولهذا قال تعالى في وصف عامة الشعراء: ﴿والشعراء وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ﴾ الشعراء/224، إلى آخر السورة، ولكون الشعر مقر الكذب قيل: أحسن الشعر أكذبه.

 

وقال بعض الحكماء: لم ير متدين صادق اللهجة مفلقا في شعره. والمشاعر: الحواس، وقوله: ﴿وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ الحجرات/2، ونحو ذلك، معناه: لا تدركونه بالحواس، ولو في كثير مما جاء فيه ﴿لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ : لا يعقلون، لم يكن يجوز؛ إذ كان كثير مما لا يكون محسوسا قد يكون معقولا. ومشاعر الحج: معالمه الظاهرة للحواس، والواحد مشعر، ويقال: شعائر الحج، الواحد: شعيرة، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ الحج/32، وقال: ﴿فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ﴾ البقرة/198، ﴿لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ﴾ المائدة/2، أي: ما يهدى إلى بيت الله، وسمي بذلك لأنها تشعر، أي: تعلم بأن تدمي بشعيرة، أي: حديدة يشعر بها. والشعار: الثوب الذي يلي الجسد لمماسته الشعر، والشعار أيضا ما يشعر به الإنسان نفسه في الحرب، أي: يعلم. وأشعره الحب، نحو: ألبسه، والأشعر: الطويل الشعر، وما استدار بالحافر من الشعر، وداهية شعراء (انظر: المجمل 2/505؛ والجمهرة 2/342؛ وأساس البلاغة ص 236؛ والغريب المصنف)، كقولهم: داهية وبراء، والشعراء: ذباب الكلب لملازمته شعره، والشعير: الحب المعروف، والشعرى: نجم، وتخصيصه في قوله: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾ النجم/49، لكونها معبودة لقوم منهم.