عمى

- العمى يقال في افتقاد البصر والبصيرة، ويقال في الأول: أعمى، وفي الثاني: أعمى وعم، وعلى الأول قوله: ﴿أن جاءه الأعمى﴾ عبس/2، وعلى الثاني ما ورد من ذم العمى في القرآن نحو قوله: ﴿صم بكم عمي﴾ البقرة/ 18، وقوله: ﴿فعموا وصموا﴾ المائدة/71، بل لم يعد افتقاد البصر في جنب افتقاد البصيرة عمى حتى قال: ﴿فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ الحج/46، وعلى هذا قوله: ﴿الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري﴾ الكهف/101، وقال: ﴿ليس على الأعمى حرج﴾ الفتح/ 17، وجمع أعمى عمي وعميان. قال تعالى: ﴿بكم عمي﴾ البقرة/171، ﴿صما وعميانا﴾ الفرقان/73، وقوله: ﴿ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا﴾ الإسراء/72، فالأول اسم الفاعل، والثاني قيل: هو مثله، وقيل: هو أفعل من كذا، الذي للتفضيل لأن ذلك من فقدان البصيرة، ويصح أن يقال فيه: ما أفعله، وهو أفعل من كذا، ومنهم من حمل قوله تعالى: ﴿ومن كان في هذه أعمى﴾ الإسراء/72، على عمى البصيرة والثاني على عمى البصر، وإلى هذا ذهب أبو عمرو (هو أبو عمرو بن العلاء توفي سنة 154. انظر: ترجمته في بغية الوعاة 2/231؛ وانظر: قول أبي عمرو هذا في البصائر 4/103.

قال الدمياطي: وقرأ أبو عمرو بإمالة الأول محضة بكونه ليس أفعل تفضيل، وفتح الثاني لأنه للتفضيل، ولذا عطف عليه: و (أضل). انظر: الإتحاف ص 285.

وهو عكس ما قاله الراغب)، فأمال الأولى لما كان من عمى القلب، وترك الإمالة في الثاني لما كان اسما، والاسم أبعد من الإمالة. قال تعالى: ﴿قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى﴾ فصلت/44، ﴿إنهم كانوا قوما عمين﴾ الأعراف/64، وقوله: ﴿ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ طه/124، ﴿ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما﴾ الإسراء/97، فيحتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا. وعمي عليه، أي: اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى قال: ﴿فعميت عليهم الأنباء يومئذ﴾ القصص/66، ﴿وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم﴾ هود/28. والعماء: السحاب، والعماء: الجهالة، وعلى الثاني حمل بعضهم ما روي أنه قيل: أين كان ربنا قبل أن خلق السماء والأرض؟ قال: في عماء تحته عماء وفوقه عماء (الحديث عن أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: (كان في عماء ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء). أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن، وقال ابن العربي: قد رويناه من طرقه، وهو صحيح سندا ومتنا.

انظر: عارضة الأحوذي 11/273؛ وأخرجه أحمد في المسند 4/11؛ وابن ماجه 1/64)، قال: إن ذلك إشارة إلى أن تلك حالة تجهل، ولا يمكن الوقوف عليها، والعمية: الجهل، والمعامي: الأغفال من الأرض التي لا أثر بها.