ضر

 

- الضر: سوء الحال؛ إما في نفسه لقلة العلم والفضل والعفة؛ وإما في بدنه لعدم جارحة ونقص؛ وإما في حالة ظاهرة من قلة مال وجاه، وقوله: ﴿فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ﴾الأنبياء/84، فهو محتمل لثلاثتها، وقوله: ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ﴾يونس/12، وقوله: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾يونس/12، يقال: ضره ضرا: جلب إليه ضرا، وقوله: ﴿لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى﴾آل عمران/111، ينبههم على قلة ما ينالهم من جهتهم، ويؤمنهم من ضرر يلحقهم نحو: ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾آل عمران/120، ﴿وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا﴾المجادلة/10، ﴿وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ﴾البقرة/102، وقال تعالى: ﴿وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ﴾البقرة/102، وقال: ﴿يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنفَعُهُ﴾الحج/ 12، وقوله: ﴿يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ﴾الحج/13.

 

فالأول يعنى به الضر والنفع، اللذان بالقصد والإرادة، تنبيها أنه لا يقصد في ذلك ضرا ولا نفعا لكونه جمادا.

 

وفي الثاني يريد ما يتولد من الاستعانة به ومن عبادته، لا ما يكون منه بقصده، والضراء يقابل بالسراء والنعماء، والضر بالنفع.

 

قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ﴾هود/10، ﴿وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾الفرقان/3، ورجل ضرير: كناية عن فقد بصره، وضرير الوادي: شاطئه الذي ضره الماء، والضرير: المضار، وقد ضاررته. قال تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ﴾الطلاق/6، وقال: ﴿وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ﴾البقرة/282، يجوز أن يكون مسندا إلى الفاعل، كأنه قال: لايضارر يضار؟؟، وأن يكون مفعولا، أي: لا يضارر يضار؟؟، بأن يشغل عن صنعته ومعاشه باستدعاء شهادته، وقال: ﴿لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾البقرة/233، فإذا قرئ بالرفع فلفظه خبر ومعناه أمر، وإذا فتح فأمر

 

(قرأ: ﴿لا تضار﴾بالرفع ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب، وقرأ أبو جعفر بسكونها مخففة والباقون بفتح الراء.

 

انظر: الإتحاف ص 158؛ والحجة للفارسي 2/333).

 

قال تعالى: ﴿ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ﴾البقرة/231، والضرة أصلها الفعلة التي تضر، وسمي المرأتان تحت رجل واحد كل واحدة منهما ضرة؛ لاعتقادهم أنها تضر بالمرأة الأخرى، ولأجل هذا النظر منهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها) (الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها) أخرجه مالك في الموطأ (انظر: تنوير الحوالك 3/93 جامع ما جاء في القدر) ؛ والبخاري 11/432 في القدر؛ ومسلم (1408) في النكاح) والضراء: التزويج بضرة، ورجل مضر: ذو زوجين فصاعدا. وامرأة مضر: لها ضرة. والاضطرار: حمل الإنسان على ما يضره، وهو في التعارف حمله على أمر يكرهه، وذلك على ضربين:

 

أحدهما: اضطرار بسبب خارج كمن يضرب، أو يهدد، حتى يفعل منقادا، ويؤخذ قهرا، فيحمل على ذلك كما قال: ﴿ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ﴾البقرة/ 126، ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ﴾لقمان/24.

 

والثاني: بسبب داخل وذلك إما بقهر قوة له لا يناله بدفعها هلاك، كمن غلب عليه شهوة خمر أو قمار؛ وإما بقهر قوة يناله بدفعها الهلاك، كمن اشتد به الجوع فاضطر إلى أكل ميتة، وعلى هذا قوله: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ﴾البقرة/173، ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾المائدة/3، وقال: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾النمل/62، فهو عام في كل ذلك، والضروري يقال على ثلاثة أضرب:

أحدها: إما يكون على طريق القهر والقسر، لا على الاختيار كالشجر إذا حركته الريح الشديدة.

والثاني: ما لا يحصل وجوده إلا به نحو الغذاء الضروري للإنسان في حفظ البدن.

والثالث: يقال فيما لا يمكن أن يكون على خلافه، نحو أن يقال: الجسم الواحد لا يصح حصوله في مكانين في حالة واحدة بالضرورة.

وقيل: الضرة أصل الأنملة، وأصل الضرع، والشحمة المتدلية من الألية.