طوق

 

- أصل الطوق: ما يجعل في العنق، خلقه كطوق الحمام، أو صنعة كطوق الذهب والفضة، ويتوسع فيه فيقال: طوقته كذا، كقولك: قلدته. قال تعالى: ﴿سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ﴾ آل عمران/180، وذلك على التشبيه، كما روي في الخبر (يأتي أحدكم يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان فيتطوق به فيقول أنا الزكاة التي منعتني) (الحديث ذكره المؤلف بمعناه، فقد جاء عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا: ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ، سورة آل عمران: آية 180. أخرجه البخاري 3/214 في الزكاة)، والطاقة: اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقة، وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشيء، فقوله: ﴿وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ البقرة/286، أي: ما يصعب علينا مزاولته، وليس معناه: لا تحملنا ما لا قدرة لنا (وهذا مروي عن الضحاك كما أخرجه عنه ابن جرير في الآية قال: لا تحملنا من الأعمال ما لا نطيق. انظر: الدر المنثور 2/136) به، وذلك لأنه تعالى قد يحمل الإنسان ما يصعب عليه كما قال: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ الأعراف/157، ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾ الشرح/2، أي: خففنا عنك العبادات الصعبة التي في تركها الوزر، وعلى هذا الوجه: ﴿قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ﴾ البقرة/ 249، وقد يعبر بنفي الطاقة عن نفي القدرة. وقوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ البقرة/184، ظاهرة يقتضي أن المطيق له يلزمه فدية أفطر أو لم يفطر، لكن أجمعوا أنه لا يلزمه إلا مع شرط آخر (أخرج الشيخان عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ من شاء منا صام، وما شاء منا أن يفطر ويفتدي فعل ذلك حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ انظر: فتح الباري 8/181 كتاب التفسير، ومسلم رقم 1145). وروي: (وعلى الذين يطوقونه) (وهي قراءة شاذة، قرأت بها عائشة وسعيد بن جبير وعكرمة. انظر: الدر المنثور 1/431) أي: يحملون أن يتطوفوا.